default Author

الذكاء الاصطناعي والنظام العالمي «2 من 2»

|

من الأهمية بمكان أن ندرك أن الذكاء الاصطناعي سيخلف تأثيرا كبيرا في حقوقنا وحرياتنا الأساسية، وعلاقاتنا، والقضايا التي نهتم بها، بل حتى معتقداتنا الأشد رسوخا. من خلال حلقات التغذية الراجعة والاعتماد على بياناتنا الخاصة، ستتسبب نماذج الذكاء الاصطناعي في تفاقم التحيزات القائمة وإرهاق العقود الاجتماعية الضعيفة بالفعل في عدد كبير من الدول.
هذا يعني أن استجابتنا يجب أن تشمل عددا كبيرا من الاتفاقات الدولية. على سبيل المثال، في الأحوال المثالية، سنعمل على صياغة اتفاقيات جديدة "على مستوى الأمم المتحدة" للحد من استخدام تكنولوجيات بعينها في ساحة المعركة. سيكون إبرام معاهدة تحظر صراحة الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل بداية جيدة، وستكون اتفاقيات تنظيم الفضاء السيبراني، خاصة الأعمال الهجومية التي تديرها روبوتات مستقلة، ضرورية بالقدر ذاته.
ويشكل إنشاء ضوابط تنظيمية تجارية جديدة ضرورة حتمية. إن الصادرات غير المقيدة من تكنولوجيات بعينها من الممكن أن تمنح الحكومات أدوات قوية لقمع المعارضة وتعظيم قدراتها العسكرية جذريا. علاوة على ذلك، لا نزال في احتياج لتحسين أدائنا بشكل كبير فيما يتصل بضمان تكافؤ الفرص في الاقتصاد الرقمي، من خلال فرض الضرائب المناسبة على مثل هذه الأنشطة.
يبدو أن قادة مجموعة السبع يدركون بالفعل أن من مصلحة الدول الديمقراطية، في ظل الخطر المحتمل الذي يهدد استقرار المجتمعات المفتوحة، أن تعكف على تطوير نهج مشترك لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي. تكتسب الحكومات الآن قدرات غير مسبوقة فيما يتصل باصطناع الرضا والقبول والتلاعب بالرأي. عندما تقترن بأنظمة مراقبة هائلة، يصبح بوسع القوة التحليلية التي تتسم بها أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة إيجاد وحوش تكنولوجية عملاقة: دول وشركات تعرف كل شيء وتملك القدرة على تشكيل سلوك المواطن وقمعه، إذا لزم الأمر، داخل وعبر الحدود. من الأهمية بمكان عدم الاكتفاء بدعم الجهود التي تبذلها منظمة اليونسكو لإنشاء إطار عالمي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بل أيضا الدفع باتجاه ميثاق عالمي للحقوق الرقمية.
يشير محور الاهتمام المواضيعي في دبلوماسية التكنولوجيا ضمنا إلى الحاجة لاستراتيجيات جديدة في التعامل مع القوى الناشئة. على سبيل المثال، الطريقة التي تتناول بها الاقتصادات الغربية شراكاتها مع الديمقراطية الأكبر في العالم (الهند) قد تـفضي إلى نجاح هذه الدبلوماسية أو فشلها. من المرجح أن يكون اقتصاد الهند ثالث أكبر اقتصاد على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة والصين، بحلول عام 2028. فقد كان نموها غير عادي، ويوضح القسم الأعظم من ذلك النمو البارع في إدارة تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي. الأمر الأكثر أهمية هو أن وجهات نظر الهند بشأن التكنولوجيات الناشئة تشكل أهمية بالغة، ذلك أن الكيفية التي تنظم بها وتدعم تقدم الذكاء الاصطناعي ستحدد كيف يستخدمه مليارات البشر.
يشكل التعاون مع الهند أولوية لكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كما يتضح لنا من المبادرة الأمريكية - الهندية الأخيرة بشأن التكنولوجيا الحرجة والناشئة، ومجلس التجارة والتكنولوجيا بين الاتحاد الأوروبي والهند، الذي اجتمع في بروكسل هذا الشهر. لكن ضمان نجاح هذه الجهود يستلزم استيعاب السياقات والاهتمامات الثقافية والاقتصادية. وسيساعدنا تقدير هذه الفوارق الدقيقة في بناء مستقبل رقمي مزدهر وآمن. أما البديل فهو توليد الذكاء الاصطناعي مجانا للجميع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

إنشرها