FINANCIAL TIMES

صناعة السلع الفاخرة .. العالم ليس فقط الصين والولايات المتحدة

صناعة السلع الفاخرة .. العالم ليس فقط الصين والولايات المتحدة

مع تمايل اليخوت على طول ساحل البحر المتوسط والاستعدادات الجارية لسباق الجائزة الكبرى لسباق فورمولا ون، لم تظهر مؤشرات تذكر على التشاؤم بين المديرين التنفيذيين المجتمعين لحضور قمة "فاينانشيال تايمز" لشركات السلع الفاخرة هذا الأسبوع في موناكو، الإمارة المفضلة دائما للأثرياء الذين دعموا الطفرة الأخيرة في هذا النوع من السلع.
أعربت شخصيات كبيرة في الصناعة عن ثقتها بأن الأعمال ستستمر في الازدهار، مدفوعة بالمشترين الأثرياء على مستوى العالم، على الرغم من مخاوف من تباطؤ أسفر عن محو نحو 60 مليار دولار من القيمة السوقية للقطاع خلال عمليات بيع كثيف استمرت يومين في وقت سابق من الأسبوع الماضي.
كانت الانخفاضات مدفوعة بمخاوف من أن الطلب - الذي كان مدفوعا بالصين والولايات المتحدة - قد يهدأ أخيرا، حسبما ورد في مذكرة كتبها محللون في "دويتشه بنك" وكذلك في مؤتمر "مورجان ستانلي" للمستثمرين.
انخفضت أسهم شركة إل في إم إتش، الرائدة في القطاع، 5 في المائة الثلاثاء، في حين خسرت أسهم "هيرميس" و"كيرينج" 6.5 و3 في المائة، على التوالي.
استمر الثلاثي في الانخفاض الأربعاء في إطار انخفاضات في السوق الأوروبية الأوسع، مع قلق مستثمري الأسهم العالميين إزاء آفاق النمو والنقاش حول سقف الديون الذي لم يتم حله في الولايات المتحدة.
لكن، أثناء حديثه في وقت سابق في قمة "فاينانشيال تايمز" في موناكو، حذر سيدني توليدانو، المدير التنفيذي لشركة إل في إم إتش، من مثل هذا الهبوط وقال إن العلامات التجارية الكبرى مثل "لويس فويتون" أو "ديور" ستظل مرنة، حتى لو حدث تباطؤ، بسبب انتشارها العالمي "وإبداعها الأصلي" وخبرتها التسويقية.
"العالم ليس فقط الصين والولايات المتحدة"، كما قال مخضرم "إل في إم إتش"، الذي كان رئيس "ديور" التنفيذي ويشرف الآن على عدد من ماركات الأزياء التابعة للمجموعة، منها "سيلين" و"لويفي".
أضاف: "أوروبا تبلي بلاء حسنا للغاية، مع عودة المسافرين الأثرياء، ومع وجود أمريكيين في فرنسا أو إسبانيا أو موناكو. علاوة على ذلك، لديك أسواق الغد، مثل الهند وإفريقيا (...)وغيرهما من المناطق المزدهرة في آسيا، مثل كوريا الجنوبية وتايلاند".
أشار توليدانو إلى إعادة فتح متجر "تيفاني" الرئيس الشهر الماضي في نيويورك بأنه علامة على كيف كانت "إل في إم إتش"، التي أصبحت أخيرا أول شركة أوروبية تحقق تقييما سوقيا يبلغ 500 مليار دولار، واثقة بالولايات المتحدة على المدى الطويل. قال: "الولايات المتحدة تتباطأ، صحيح، لكن فقط للعلامات التجارية التي تفتقر إلى إبداع أصلي، أو خدمة حقيقية، أو تسويق صحيح".
أضاف: "توجد مخاوف عدة مثل التوترات بين الولايات المتحدة والصين، والحرب في أوكرانيا، وخلاف سقف الديون في الولايات المتحدة. يمكنك أن تخاف كل صباح، لكننا لسنا خائفين".
إلا أن اقتصاديين حذروا من أن التوترات الدولية المتصاعدة قد تؤدي إلى مزيد من عدم اليقين، مع تأثر أوروبا بتضارب المصالح بين أكبر اقتصادين في العالم. قالت هيلين ري، أستاذة الاقتصاد في كلية لندن للأعمال: "الوضع في أوروبا مبهم للغاية، بسبب الحرب في أوكرانيا وضغوط التضخم (...)إضافة إلى العوامل الأمريكية والصينية المؤثرة".
ويتوقع معظم المحللين استمرار صناعة السلع الفاخرة في التوسع بأرقام من خانتين العام المقبل، لكن من المحتمل أن يكون التوسع بوتيرة أبطأ قليلا من النمو الهائل الذي شهده القطاع في الأعوام الأخيرة.
هناك أدلة متزايدة على حدوث تباطؤ في الولايات المتحدة حاليا، خاصة بين مستهلكي السلع الفاخرة من الطبقة المتوسطة الذين هم أكثر تأثرا بالتغيرات في الاقتصاد.
ووفقا لمورجان ستانلي "كان الأداء في الولايات المتحدة أكثر هدوءا نسبيا، وإن كانت فرق الإدارة لا تزال تشير إلى هبوط سلس (...)مدفوعا بضعف المستهلكين التواقين لاقتناء السلع الفاخرة تحديدا".
الصين موضع شك آخر للصناعة، بعد أن أثرت حالات إغلاق ناشئة عن سياسة "صفر كوفيد" نهاية العام الماضي في الأداء الإقليمي لمعظم شركات السلع الفاخرة في الربع الرابع. قال مايكل كليجر، الرئيس التنفيذي لشركة ميتيريزا للتجارة الإلكترونية الفاخرة: "إنه انتعاش، لكنه أبطأ كثيرا مما كان متوقعا (...)لا يزال يوجد تأثير نفسي حقيقي".
سارة ويلرسدورف، الرئيسة العالمية للرفاهية في مجموعة بوسطن الاستشارية، قالت إن الصين هي "المجهول الكبير" بالنسبة إلى النمو العام المقبل، مشيرة إلى أنها "تشهد تعافيا قويا في معظم الفئات" في البلاد.
السياحة الصينية إلى أوروبا، وهي محرك كبير آخر للتسوق الفاخر، بدأت في العودة لكنها لا تزال أقل كثيرا من الذروات السابقة. وبحلول نيسان (أبريل)، السفر من الصين عاد بنسبة 47 في المائة إلى مستويات 2019، وفقا لـ"مورجان ستانلي"، لكن نقص الرحلات الجوية وصعوبات استصدار التأشيرات لا يزالان يشكلان حواجز.
قالت ويلرسدورف، مشيرة إلى أنها تتوقع عودة السياح إلى آسيا والمحيط الهادئ أولا، تليها أوروبا، والولايات المتحدة أخيرا، نظرا إلى التوترات المستمرة بين الدولتين.
اتجاهات الشراء تتغير أيضا، وفقا لكيلي كوال، كبيرة مسؤولي المنصات في سوق فارفيتش الإلكترونية للسلع الفاخرة، حيث يشتري المستهلكون الصينيون مزيدا من الملابس الرياضية والأدوات المنزلية، مع تقليل قطع "الرفاهية غير الزاهية" مثل الكشمير باهظ الثمن. قالت: "نرى اتجاهات المستهلكين تتغير قليلا، لكننا نشهد تحولا في السوق".
من غير المرجح أن يتضاءل عما قريب توسع الطبقة الوسطى الصينية الذي قاد النمو في قطاع السلع الفاخرة في العقد الماضي. "لقد شهدنا ظهور طبقتين متوسطة ومتوسطة عليا ضخمتين في الصين، وما زلنا نشهد هذا الزخم الذي لن ينتهي مستقبلا"، كما قالت ري، من كلية لندن للأعمال.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES