Author

المقهى الذي يعول عليه

|

المقهى الذي لا يفتح أبوابه ويصبح جاهزا لتقديم القهوة عند السادسة صباحا "لا يعول عليه"، وأحسب أن ذلك من الأسباب التي تحدد استمرار المشروع أو إقفاله بعد العام الأول أو الثاني.
بعد جولات صباحية متكررة لاحظت أن أغلب المقاهي الجديدة على السوق لا تقدم القهوة إلا في منتصف الصباح، وفي ظني أنها بذلك تصنف نفسها على أنها مقاه "ترفيهية" تركز على المساء وتجمعات الشباب وتراهن على مبيعات المشروبات المبتكرة - من وجهة نظرها - والحلويات، فهل هذا يدوم، أقصد هل يدوم ماليا ويحقق نقطة التعادل ومن ثم الربحية؟
أخبرني متابع للقطاع أن اسمين "فخمين" للمقاهي أحدهما غادر السوق، والثاني على وشك الخروج، وأقول فخمين لأنهما ركزا على المواقع باهظة الأجرة وأن كونهما يقدمان أجواء رائعة وديكورات غريبة، ولم يركزا على الجانب الأهم، القهوة كمشروب صباحي.
بين السادسة والثامنة صباحا تقف في طابور لتحصل على قهوتك "العادية" في عدد قليل من المقاهي تعرفونها جميعا، لأن الموظفين والطلاب ورجال الأعمال وحتى أصدقاء البكور من المتقاعدين أو الباحثين عن عمل، يشترون أهم كوب قهوة في يومهم، الكوب الذي يقدم جرعة الكافيين الأساس، ومن يشرب منهم القهوة بعد ذلك نسبة قليلة جدا.
إذن في المحصلة تفقد مقاهي الترفيه حصة سوقية كبيرة لأنها لا تفتح باكرا، ولأن بعضها القليل الذي يفعل يقدم قهوة الصباح بأسعار "السهرة" إن صح التشبيه، وفي الأغلب من يطلب الكافيين في الصباح الباكر هو من يريد جودة البن وبالطبع السعر المناسب لأنه يفعل ذلك يوميا وليس "مناسباتيا".
الملاحظة الثانية ان أغلب هذه المقاهي لا تقدم ما يمكن عده فطورا معقولا يبدأ به الزبون يومه، وإذا فعلت فهو بأسعار لا يمكن أن تساعد على تشكيل عادة يومية لمرتادها حتى لو كان دخله جيدا، فالإفطار عادة هو أقل الوجبات اليومية الثلاث تكلفة، وهنا يبرز عامل آخر أنهم يفقدون المرتادين من غير السعوديين الذي يحسبون ميزانية كل شيء بحرص من فئة الموظفين المهنيين ومن في حكمهم.
قد يكون لارتفاع الإيجارات وكثرة الرسوم والإقدام على المشاريع دون تمحيص الجدوى عوامل في إقفال المقاهي الجديدة، لكن إقفالها في الصباح وتسعيرها كوب القهوة عاملان قويان، لأن زبون الصباح في الأغلب ما يكون زبونا دائما إذا ناسبته النكهة والسعر، أما زبون المساء فهو باحث عن الجديد غالبا، ولا يمكنه أن يداوم على ارتياد المقهى لأسباب مالية واضحة.
ولجولات الصباح بقية.

إنشرها