Author

سقف الدين الأمريكي

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

لا يمكن تمويل الاقتصاد الأمريكي إلا بزيادة حد القروض للحكومة الأمريكية التي بلغت 31.4 تريليون دولار، وبشكل خاص في مسائل توفير الضمان الاجتماعي للمواطنين وتمويل مصروفات القوات العسكرية والأمن، إضافة إلى النفقات ذات الطابع الحكومي مهما كان نوعها وفق النظام الأمريكي، ماذا يعني عدم رفع سقف الدين الأمريكي؟
في واقع الأمر أن الحكومة لن تستطيع الإنفاق وفي الوقت نفسه ستتخلف عن سداد ديونها الماضية، ولا سيما أن التخلف عن السداد يمثل أزمة اقتصادية ويؤثر في الاقتصاد الأمريكي بشكل مباشر، مثل تأثر سوق الأسهم، وتقييم مخاطر الديون الأمريكية الحكومية والخاصة. أما استراتيجيا، فيمكن استغلال العملات الصعبة الاحتياطية الأخرى بالحلول بدلا عن الدولار كعملات احتياطية بديلة عنه، واقتطاع جزء من الحصة العالمية لدى البنوك المركزية كعملات احتياطية، كما أن دولة اقتصادية، مثل الصين، لن تتجاهل استغلال الأزمة للترويج لليوان الصيني في التسويات الدولية والتجارة الثنائية كعملة تبادل تجاري موثوق، أو على الأقل تزيد من جاذبيته الدولية في التجارة.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي عدم سقف الدين الأمريكي، إلى خفض النفقات وإغلاق الحكومة، وكلها لها تبعات على الاستقرار الاجتماعي. كما أن التصنيف الائتماني للاستثمار والقروض الأمريكية ستكون عين الأزمة المتوقعة، إضافة إلى تأثر الحساب الجاري للاقتصاد الأمريكي، وتراجع تدفق الأموال للاقتصاد الأمريكي.
مع الأسف أن الأزمة لن تبقى داخل المنظومة الاقتصادية الأمريكية، بل إن تداعياتها سنراها في كثير من الاقتصادات النامية والمتقدمة، وبحسب الانكشاف على الاقتصاد الأمريكي، ولا سيما في العملات والديون المقومة بالدولار الأمريكي.
من زاوية أخرى، فالسياسات النقدية التي تعمل على رفع سعر الفائدة لمحاربة التضخم ستكون هي الأخرى في عين العاصفة وتراجع مكاسبها في مكافحة التضخم، أي أننا سنشهد حالة غريبة اقتصادية لم نرها منذ الحروب العالمية، ارتفاع سعر الفائدة وارتفاع التضخم وتراجع الدولار، وهي عوامل لا تجتمع على الدولار الأمريكي.
ثم إن الدول التي تمتلك الدين الأمريكي من خلال السندات سيكون تأثرها بمقدار حجم الحيازة، فالصين واليابان أول المتأثرين وهذا يعطي إشارة إلى أن الملاذ الأكثر أمانا في العالم يتعرض لأزمة ثقة، وهذا يؤدي إلى موجة من البيع المكثف للسندات الأمريكية، وبشكل خاص الدول التي لا يوجد لديها اقتصاد متنوع بما فيه الكفاية، وإذا ما حصل ذلك، فإن سعر صرف الدولار سيتدهور بشكل مزعج لكثير من العملات، لكنه يمثل ضغطا معاكسا للعملة الصينية، ويجعل تكلفة الصادرات الأمريكية أقل والعملة الصينية أعلى، أو على الأقل خيارات شراء السلع الأمريكية الأفضل في الأسواق الدولية بسبب سعره وخصائصه مقابل الصادرات الصينية.
أخيرا، عدم رفع سقف الدين الأمريكي سيؤدي إلى تبعات اقتصادية ومالية خطيرة للحكومة الأمريكية وللاقتصاد العالمي، ألفت النظر إلى أنه ليس مجرد قضية مالية داخلية، بل يتعلق بالاستقرار الاقتصادي والسياسي العالمي.

إنشرها