Author

الشرق الأوسط إلى شاطئ الأمان

|

هذه المنطقة التي نعيش فيها غنية بكل الثروات، وبقيادات حكيمة في أغلبها، وشعوب منتجة وقادرة على التعلم والتفوق، لذا تسلطت عليها الدول الكبرى، لأن كل ذي نعمة محسود، وهبت عواصف الحقد على مركب الشرق الأوسط، فأخذته في اتجاهات متعاكسة حتى كاد أن يغرق في بحر الشقاق والتناحر على لا شيء. تارة باسم "الربيع العربي"، وتارة مع نزعات التطرف بأنواعها. وقبل ذلك وبعده موجة التخويف من خطر إيران وأذرعها وبرنامجها النووي، وكذلك التخويف من إسرائيل، وكل ذلك لمجرد أن ترتفع فاتورة شراء الأسلحة من تلك الدول التي نبشرها بأننا قررنا صناعة سلاحنا بأنفسنا، وأن الحصان قد نهض من كبوته التي قال عنها الشاعر الكبير عبدالمنعم الرفاعي، في إحدى قصائده:
قد كبونا رب مهر جامح
رده في العدو مكر الثعلب
ولم يكن ثعلبا واحدا، بل ثعالب ملونة، وبأكبر الأحجام.
وجاءت علامات النهوض من هذه الكبوة عند إعلان الأمير محمد بن سلمان، مولد الشرق الأوسط الجديد. وقال "إنه سيكون أوروبا الجديدة"، ومعنى ذلك التصالح أولا، ثم التعاون والتنمية الشاملة المستدامة، وعدم الاستماع لتخويف الأعداء لنا من دول هي الأقرب والأكثر مشاركة في الخوف على المنطقة من أصدقاء الرخاء فقط، وعند الشدائد لا تجدها ولا تثق بنصائحها. وقادت بلادنا -ولله الحمد- مركب الشرق الأوسط إلى شاطئ الأمان عبر مصالحات شهد المخلصون بأنها "ضربة معلم"، وأهمها التقارب مع إيران الذي ظهرت بوادره حتى قبل أن يطبق كاملا، في خطوات إيجابية لحل بعض الإشكالات التي تزعمت السعودية الجهود لإيجاد حلول لها، ووجدت هذه الخطوات تجاوبا من الجميع. حتى إيران التي كنا نظن أنها عقبة كبيرة كانت من أهم الداعمين للحلول في اليمن وسورية والعراق، وربما لبنان عن قريب. ولم تقتصر الجهود على القضايا السياسية، بل إن الحرب على المخدرات التي تقوم بها بلادنا بكل حزم قد وجدت تعاونا وتفاهما من الجميع، لأن هذا الوباء فيه دمار لشباب المنطقة بأكملها. وهذا هدف للأعداء لن يتحقق بإذن الله.
أخيرا، وجهت قيادتنا خلال الأيام الماضية الدعوات لاجتماع للعرب سيعقد في بيت العرب قريبا، وسيكون الحديث في هذا الاجتماع مختلفا يقوم على الصراحة التامة، والحرص على استقلالية قرار دول المنطقة، والعمل يدا واحدة، لتكون هذه المنطقة بدولها العربية وغير العربية ذات قرار موحد لتأخذ مكانها اللائق بين الأمم، وليتم التأكيد على أن الكبوة قد انتهت ونهض الحصان الأصيل، ووصل قارب الشرق الأوسط، كما ذكرنا، إلى شاطئ الأمان، ولن تتضاد معه رياح الاختلاف وتدخل الدول الكبرى في اتجاه سيره بعد الآن، كل ذلك -بتوفيق من الله- وبقيادة سعودية حكيمة، وتعاون من الأشقاء والأصدقاء المخلصين.

إنشرها