Author

المكافحة العملية والفكرية

|

للمملكة تاريخ طويل في مكافحة المخدرات، وهي تعد من أكثر الدول صرامة تجاه المهربين، وهذه الحملة الجديدة الأكثر صرامة هي امتداد لجهودها، وهي أيضا تفاعل مع مستجدات هذه الآفة المتمثلة في أنواع جديدة من المخدرات مثل ما يسمى شعبيا "الشبو" المعروف عالميا باسم "الميثامفيتامين" حمى الله الجميع منها ومن عواقبها المرعبة.
لا بد لنا جميعا من مؤازرة هذه الحملة حماية لأنفسنا ومن نحب، وحماية لوطننا المستهدف بحرب خسيسة ليس غرضها فقط الكسب المادي الحرام، بل أيضا تقويض المنجز عبر تدمير الإنسان -العنصر الأساس في أي تنمية.
هذه الحملة لا تحمي الشباب فقط من هذه المادة العفنة وغيرها من المخدرات، بل تحمي الأمهات والآباء من لواعج الحزن والألم، ومن تفاصيل المعاناة العاطفية، ومن معاركهم مع حياة قاسية يفرضها وجود مدمن أو مروج بينهم. الحكومة بذلت وستبذل الكثير، ومؤازرتها تشمل أشياء كثيرة علينا فعلها، بدءا من الحذر وليس انتهاء بالإبلاغ عن أي اشتباه أو سلوك في المحيط الأسري أو العملي، وبالطبع الابتعاد عن أي مكان شبهة، ومراقبة الأبناء، واحتواؤهم، وبناء جسور الثقة والحب معهم. المكافحة العملية مهمة، وأيضا المكافحة الفكرية، وأقصد هنا تحديدا مكافحة "القوى الناعمة الخبيثة" المتمثلة في إنتاج فني أو محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، يغض البعض الطرف عن تعرض الشباب والمراهقين لها.
سأضرب مثالا واقعيا، قبل أعوام بثت إحدى تطبيقات الأفلام والمسلسلات مسلسلا شهيرا استمر طويلا ولا يزال يعرض حول معلم مدرسة يصنع المخدرات المذكورة بالتعاون مع شاب مدمن كان يصنعها بطريقة بدائية ويروجها، ومن قبله يتذكر الجميع مسلسل مهرب المخدرات الشهير في إحدى الدول اللاتينية. المعالجة الدرامية ـ إن صح تسميتها كذلك ـ تصور أبطال هذه المسلسلات بطريقة تبعث على التعاطف معهم والإعجاب بذكائهم وتمني استمرار تخلصهم من العقاب، وهي أيضا تصور التعاطي بأقل صورة سيئة ممكنة، إنها تجعل من المجرم بطلا، ومن المدمن شخصية محبوبة "كول". الأمثلة كثيرة على محتوى يجعل من القتل، وترويج المخدرات، بل حتى أشياء أخرى، مثل: زنا المحارم، أشياء "مثيرة للاهتمام" في عقول الناشئة الذين ربما لا يتعمدون مشاهدة وملاحقة هذا الإنتاج، لكنهم ومعهم بعض الراشدين مع الأسف يشاهدون كثيرا من هذه المسلسلات، لإنها أصبحت "ترندا" عالميا ويخشون أن تفوتهم، بل إن بعضهم يحرج عندما يتحدث الناس عنها وهو لم يشاهدها.
اليوم لا تكفي مراقبة "أصدقاء السوء"، يحتاج الأهل إلى مراقبة وحظر "مسلسلات السوء".

إنشرها