البنوك مليئة بقروض العقارات التجارية المعدومة

البنوك مليئة بقروض العقارات التجارية المعدومة
تشارلي مونجر وصديقه وارين بافيت.

حذر تشارلي مونجر من عاصفة تتشكل في سوق العقارات التجارية الأمريكية، حيث تزخر البنوك الأمريكية بما قال إنها "قروض معدومة"، مع انخفاض أسعار العقارات.
تأتي هذه التعليقات من المستثمر ذي الـ99 عاما وصديق الملياردير وارن بافيت وشريكه، في وقت تجتاح فيه الاضطرابات النظام المالي في البلاد، والذي يتوقع أن يحدث معه انهيار محتمل في العقارات التجارية في أعقاب انهيارات شهدتها بعض البنوك.
قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة بيركشير هاثاواي في مقابلة مع فاينانشيال تايمز: "الوضع ليس بالسوء نفسه الذي كان عليه في 2008. لكن المشكلات تحدث في البنوك كما تحدث في كل مكان آخر. في الأوقات الجيدة يمارسون عادات سيئة (...) وعندما تحل بهم أوقات عصيبة يخسرون الكثير".
كان مونجر يتحدث من على كرسيه المتحرك في شرفة منزله الذي صممه بنفسه في منطقة ويلشير الكبرى في لوس أنجلوس، حيث عاش منذ 60 عاما. خلال الحديث كانت معاناة بنك فيرست ريبابليك ـ مقره كاليفورنيا ـ مرئية في الوقت الفعلي على شاشة تلفزيونية.
تتمتع شركة بيركشير بتاريخ طويل في دعم البنوك الأمريكية خلال فترات عدم الاستقرار المالي. استثمرت الشركة خمسة مليارات دولار في جولدمان ساكس خلال الأزمة المالية في 2007/ 2008 واستثمرت مبلغا مشابها في بنك أوف أمريكا في 2011.
لكن الشركة التزمت حتى الآن بالوقوف على هامش نوبة الاضطرابات الحالية، التي انهار خلالها بنك وادي السيليكون وبنك سيجنتشر. وقال مونجر: "قامت بيركشير ببعض الاستثمارات المصرفية، التي كانت جيدة جدا بالنسبة لنا. شعرنا أيضا ببعض خيبة الأمل في البنوك. ليس من السهل جدا إدارة بنك بطريقة ذكية، فهناك كثير من الإغراءات التي تفضي إلى القيام بالشيء الخطأ".
ينبع التحفظ جزئيا من المخاطر الكامنة في محافظ البنوك الضخمة من قروض العقارات التجارية. قال مونجر: "كثير من العقارات لم تعد جيدة. لدينا كثير من مباني المكاتب التي تواجه مشكلات، وكثير من مراكز التسوق المتعثرة، وكثير من العقارات الأخرى المضطربة. يوجد كثير من المعاناة هناك".
أشار إلى أن البنوك بدأت تتراجع بالفعل عن إقراض مطوري العقارات التجارية، "أصبح كل بنك في البلاد اليوم أكثر تشددا تجاه القروض العقارية مما كان عليه قبل ستة أشهر. يبدو أنها جميعا تواجه كثيرا من المشكلات".
نشأ مونجر في أوماها، نبراسكا، على بعد بضع مئات الأقدام من مكان إقامة بافيت الحالي. وقد التقيا في 1959، عندما كان بافيت يبلغ من العمر 28 عاما ومونجر 35 عاما. تدرب مونجر، الذي عمل ذات مرة في محل بقالة يملكه جد بافيت، كمحام قبل أن يتم إقناعه بالاستثمار من قبل الشخص الذي سيصبح شريكه لاحقا.
وقد عزا بافيت الفضل إلى مونجر في تشجيعه على الانتقال من "استراتيجية عقب السيجار" التي تبناها معلمه بنجامين جراهام، والتي تضمنت شراء أسهم رخيصة مثل السيجار المهمل الذي تبقى من قيمته نفخة واحدة فقط.
في 2015، كتب بافيت في رسالته السنوية الـ50 لمجموعة بيركشير هاثاواي: "المخطط الذي قدمه لي (مونجر) كان بسيطا: انس ما تعرفه عن شراء الشركات المعقولة بأسعار رائعة، بدلا من ذلك اشتر شركات رائعة بأسعار معقولة".
لقد خدمهما هذا النهج جيدا. حققت شركة بيركشير منذ 1965عوائد سنوية مركبة تقارب 20 في المائة، أي ضعف معدل مؤشر ستاندرد آند بورز500 القياسي للأسهم.
قال مونجر إنه جنى معظم أمواله من أربعة استثمارات فقط: وهي شركة بيركشير، وكوستكو لبيع التجزئة، واستثماره في صندوق تديره شركة همالايا كابيتال، التي يملكها لي لو، وأفتون بروبيرتيز، وهو مشروع عقاري يمتلك مباني سكنية في كاليفورنيا ونيوجيرسي. وتقدر مجلة فوربس ثروته بـ 2.4 مليار دولار.
أضاف: "من طبيعة الأشياء أن الرجل الذكي للغاية الذي يعمل بجد ربما يحصل على ثلاث أو أربع أو خمس فرص جيدة على المدى الطويل لشراء شركات كبيرة بسعر زهيد. إنه أمر نادر الحدوث".
قبل الاجتماع السنوي للشركة عادة ما يأتي عشرات الآلاف من المساهمين في شركة بيركشير إلى أوماها لحضور ما يشبه مهرجانا للرأسمالية والاستماع إلى بافيت ومونجر. لكن الأخير حذر من أن العصر الذهبي للاستثمار قد انتهى وأن المستثمرين سيترتب عليهم التعامل مع فترة انخفاض العوائد.
قال: "لقد أصبح الحصول على أي شيء مثل العائدات التي كان يتم الحصول عليها في الماضي بالغ الصعوبة"، مشيرا إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتزاحم المستثمرين الذين يطاردون الصفقات ويبحثون عن الشركات التي تعاني قصورا. أضاف: "في الوقت الذي تزداد فيه اللعبة صعوبة، مزيد من الأشخاص يحاولون لعبها".
على مدار العقد الماضي كافحت شركة بيركشير، في بعض الأحيان، من أجل العثور على استثمارات جديرة بالاهتمام، وهي حقيقة يجسدها رصيد نقدي غالبا ما يتجاوز 100 مليار دولار واختيار الشركة إعادة شراء ما قيمته عشرات المليارات من الدولارات من أسهمها.
كما استهدف مونجر مجال صناعته نفسها، منتقدا "العدد الفائض من مديري الاستثمار، وهو أمر لا يعود بالفائدة على البلد"، كما قال. فكثير منهم ليسوا أكثر من مجرد "عرافين أو منجمين يسحبون الأموال من حسابات عملائهم، دون أن يقدموا لهم أي خدمة مفيدة".
وجه أيضا كلمات قاسية لمجموعات الشراء الشامل أيضا. قال: "هناك كثير من الأسهم الخاصة، وكثير من المشترين لجميع الأنواع (...) هذا يجعل اللعبة صعبة جدا على الجميع".
قال عن مديري صناديق الأسهم الخاصة: "الأشخاص الذين يحصلون على الأتعاب ما زالوا في وضع جيد (لكن) الأشخاص الذين لا يحصلون على خدمة جيدة بعد دفع كل هذه الأتعاب قد لا يرغبون في الدفع لهم في النهاية".
وبينما قال بافيت بشكل قاطع لمساهمي بيركشير "ألا يراهنوا أبدا ضد أمريكا"، كان مونجر أكثر حذرا. قال: "لا أعتقد أن في إمكاننا ضمان أن الديمقراطية الأمريكية ستزدهر وتنجح إلى الأبد. أعتقد أننا سنتعثر بقوة لفترة طويلة الآن".
وحول مسألة بصمته في العالم، قال مونجر: "أود أن يكون إرثي مزيدا من الإصرار الذي لا يتزعزع على تطوير واستخدام ما أسميه منطقا استثنائيا".

سمات

الأكثر قراءة