الابتكار وتنافسية الاقتصاد

مؤشر الابتكار العالمي هو النافذة إلى إنجازات الدول في مجال الابتكار وتقدمه من عام إلى آخر، وهو أحد مقاييس النشاط الابتكاري في اقتصادات الدول، خاصة بعدما أصبح هذا المؤشر يشتمل على 80 مقياسا تفصيليا، ويغطي 129 دولة. وفي نسخته
لـ2022، تأتي سويسرا في المرتبة الأولى، وهي المكانة التي تحتلها منذ أعوام، وتليها الولايات المتحدة، ثم السويد، وفي المرتبة الرابعة تأتي بريطانيا، فهولندا، وكوريا الجنوبية، ثم سنغافورة، ثم ألمانيا على الترتيب. وتحتل الصين المرتبة الـ"13" متجاوزة كلا من فرنسا، واليابان، وكندا.
ومن المؤكد أن مجمعات العلوم والتكنولوجيا هي التي تنطلق منها شرارات البحث والابتكار، وتوفر ممكنات الاختراع، ومن ثم التوصل إلى براءات الاختراع التي تعزز تنافسية الاقتصادات على المستوى العالمي. ومن المؤسف أن الدول العربية تخلو من مجمعات العلوم والتكنولوجيا الـ100 الأكبر في العالم، ففي 2022 تركزت مجمعات العلوم والتكنولوجيا الـ100 الأولى في ثلاثة أقاليم، هي أمريكا الشمالية، أوروبا، وآسيا، ومعظمها في بلدين هما: الولايات المتحدة والصين. ومن حيث الحجم، يأتي مجمع طوكيو ـ يوكوهاما في اليابان في رأس القائمة، ثم مجمع شنتشن -هونج كونج- غوانغزو في الصين، وبعد ذلك مجمع سيئول في كوريا، ومجمع سان خوسيه ـ سان فرانسيسكو في أمريكا.
من جهة أخرى، أظهرت بيانات مؤشر الابتكار أن مجمع كامبريدج في المملكة المتحدة وآيندهوفن في هولندا / بلجيكا، هما أكثر التكتلات كثافة في أنشطة العلوم والتكنولوجيا، ثم تأتي كوريا الجنوبية، وبعدها مجمع سان خوسيه في أمريكا، وكذلك مجمع أكسفورد في بريطانيا.
ولأول مرة في تاريخ مؤشر الابتكار تحتضن الصين 20 مجمعا للعلوم والتكنولوجيا ضمن المجمعات الـ100 الأكبر في العالم، وتلحق بالولايات المتحدة بعدد مماثل من المجمعات. وتأتي بعدهما ألمانيا بعشرة مجمعات، ثم اليابان بخمسة. ومن بين الدول متوسطة الدخل، تدخل مجمعات محدودة من هذه الدول ضمن مجمعات العلوم والتكنولوجيا بمؤشر الابتكار، وهي: مجمعات ساو باولو في البرازيل، وبنغالورو ودلهي ومومباي في الهند، وطهران في إيران، وإسطنبول وأنقرة في تركيا، وكذلك موسكو في روسيا.
وبلا شك، فإن تفوق الدول في البحث والابتكار يأتي من خلال التعليم النوعي، والاستراتيجيات المدروسة، ثم الإنفاق على البحث والابتكار. وتأتي إسرائيل في قائمة الدول من حيث نسبة الإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5.4 في المائة، في حين لا تتجاوز النسبة في روسيا 1.1 في المائة، لكن النسبة ترتفع في السويد إلى 3.5، وفي ألمانيا إلى 3.1، وإلى نحو 3.4 في المائة في الولايات المتحدة.
أما من حيث حجم الإنفاق، فلا أحد يجاري الولايات المتحدة التي أنفقت 720 مليار ريال في مجال البحث والابتكار في 2020، لكن الصين تقترب من أمريكا في تسارع لافت، ليصل إنفاقها إلى 583 مليار ريال في العام نفسه، وتأتي بعد ذلك اليابان بنحو 174 مليارا. ومن اللافت أن الإنفاق في روسيا ينخفض إلى 48 مليارا، ولا يتجاوز إنفاق إسرائيل التي تحتل المرتبة الأولى في نسبة الإنفاق نحو 20 مليار دولار. وفي هذا السياق، تشير نشرة البحث والتطوير لـ2020، الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، إلى أن الإنفاق على البحث والابتكار في المملكة يصل إلى 14.5 مليار ريال، متوزعا بين القطاع الحكومي بنسبة 50 في المائة، والقطاع الخاص 35 في المائة، والمتبقي لقطاع التعليم. ومن المثير والمبهج أن تصل نسبة إنفاق القطاع الخاص إلى 35 في المائة.
وأخيرا إلى جانب المطالبة بمزيد من الدعم للبحث والابتكار في الجامعات والشركات الصناعية الكبرى، فإن الحاجة ماسة إلى التركيز على مجمعات البحث والابتكار أسوة بالدول المتقدمة والناشئة من أجل إيجاد الممكنات الفاعلة في مجال الابتكار ومن ثم رفع التنافسية الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي