حدود الملح

من الأخبار المبهجة والمهمة خلال الأسابيع الماضية إعلان الهيئة العامة للغذاء والدواء دخول المملكة ضمن قائمة الدول الأعلى عالميا في الحد من استهلاك الملح، والأولى عربيا وإقليميا في سن التشريعات والإجراءات للحد من الاستهلاك المفرط للملح بهدف تحسين القيمة التغذوية للمنتجات الغذائية، وتعزيز أنماط التغذية في المجتمع للحفاظ على صحة المواطن والمقيم.
الهيئة عملت خلال الأعوام الأخيرة على حث مصنعي ومستوردي الأغذية على خفض محتوى الملح في 24 صنفا غذائيا من خلال تشريع "الحدود الاسترشادية القصوى للملح في المنتجات الغذائية"، كما فرضت عددا من الإجراءات على مصنعي ومستوردي الأغذية أهمها وضع حد إلزامي لمحتوى الملح في جميع أنواع الخبز، وحد إلزامي لكمية الملح في أغذية الرضع والأطفال، وكذلك في شراب اللبن.
الإجراء السعودي المهم جاء بعد كشف التقارير الأخيرة للمنظمات العالمية وجود معدلات مرتفعة جدا لاستهلاك الملح في منطقة الشرق الأوسط، إذ يزيد متوسط استهلاك الفرد على 12 جراما يوميا، وأوصت الدول بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لخفض استهلاك الملح إلى خمسة جرامات يوميا بشكل تدريجي، ما يعزز الصحة العامة لدى المجتمع.
كثيرا ما نسمع التحذير من "الأبيضين" الملح والسكر، ونهز رؤوسنا في المجالس قناعة بالأسباب التي باتت معروفة، لكن الالتزام بتطبيق ذلك عمليا يصعب يوما بعد يوم، وتزداد الصعوبة مع تغير أنماط الحياة والاستهلاك وتزايد الإقبال على الطعام من خارج المنزل إما لظروف عملية، أو أسباب الرفاهية. شخصيا أعد من سمات المطعم الراقي أو المحترف في مهنته ألا يضع الملح تماما في أي طبق أو وجبة، لكن مطاعم الوجبات السريعة التي تعددت أشكالها وألوانها واختراعاتها تستخدم الملح بكثرة ليس فقط في الطعام لكن حتى في الأشياء الملحقة به كمنكهات أو ما يسمى "الصوص"، وليس سرا أن إضافة الملح بكثرة مع بعض النكهات هو من أسباب إدمان الصغار للطعام السيئ وصعوبة مقاومته.
هيئة الغذاء والدواء نفذت وتواصل تنفيذ أعمال المسح الميداني ووضع الاستراتيجيات لخفض معدل استهلاك الفرد من الملح تدريجيا عبر مراحل التصدي للأمراض المزمنة الناجمة عن استهلاكه مثل ضغط الدم وما يتبعه من سكتات دماغية وأمراض القلب المؤدية إلى الوفاة لا قدر الله. الهيئة المنزلية المشكلة من الوالدين أو أحدهما في حال المسؤولية والإعالة الفردية عليها أيضا متابعة هذا الملف الخطير، ملف مستويات الملح، وبالطبع السكر في غذاء أفراد الأسرة، إنها جزء من أمانة التربية والعدالة تجاه من يعولون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي