Author

البيع على الخارطة وتمويل المشاريع العقارية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

المملكة اليوم تعيش حالة من الازدهار في مختلف الأنشطة الاقتصادية وأحد أهم هذه الأنشطة هو القطاع العقاري الذي نما حجم التمويل فيه بنسبة كبيرة جدا والمشاريع العقارية بمختلف أشكالها أصبحت اليوم تستقطب كثيرا من الاستثمارات سواء القطاع السكني أو التجاري أو الصناعي أو الزراعي، فكل المجالات حاليا تشهد حالة من الازدهار مدفوعة بمجموعة من العوامل منها النمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده المملكة، ومن ذلك برامج الرؤية التي تدعم مسارات متنوعة من الاستثمارات في القطاع العقاري مثل السياحة والترفيه والخدمات اللوجستية والصناعة.
أحد أهم التحديات التي يواجهها القطاع العقاري حاليا هو الارتفاع الكبير في تكلفة التمويل عالميا، حيث قد تصل إلى أكثر من 7 في المائة، ونظرا للمخاطر التي يتوقعها قطاع التمويل على هذا القطاع زادت التكلفة على تمويل المشاريع العقارية بشكل ملحوظ، وهذا قد يحد من فرص الحصول على تمويل بتكلفة منخفضة لإتمام مجموعة من المشاريع العقارية حيث إن العائد المتوقع للمشاريع العقارية التي قد تمتد إلى أكثر من عامين، وبالتالي مهما كان العائد المتوقع ستكون تكلفة التمويل عالية علما أن الاستثمار في القطاع العقاري لا شك أنه واحد من أفضل الاستثمارات على المديين المتوسط والطويل، لكن على المدى القصير يتعرض إلى مجموعة من المخاطر خصوصا عندما يكون التمويل مكلفا وقد يكون أحد أسباب تعثر بعض المشاريع العقارية.
البيع على الخارطة حاليا يعد أحد الحلول المهمة لإتمام المشاريع العقارية ويتميز هذا الخيار بأنه يولد فرصا جيدة للمطور والمستثمر والمستفيد دون الحاجة إلى التمويل من المصارف، كما أنه يخفف التكلفة على المستفيد ومخاطر التمويل التي يمكن أن يتعرض لها المطور العقاري بسبب حالة عدم اليقين تجاه معدلات الفائدة وتكلفتها عليه وبالتالي سيجد أن الحصول على التمويل من خلال إسهام المستفيد لن تكون فيها تكلفة قابلة للتذبذب، إلا إذا ما خضع إلى غرامات بسبب عدم الالتزام ببنود العقد المبرم مع المستفيدين.
برنامج البيع على الخارطة من خلال منصة "وافي" تطور بصورة ملحوظة وخفف حجم المخاطر على المستفيدين والمطورين، كما أنه يعد منصة محدثة دوريا توضح للمستفيد معدل التطور في المشاريع بإشراف من جهة معتمدة وهذا بدوره يحد أي تلاعب محتمل يمكن أن يحدث خلال التنفيذ كما أنه يشترط عدم استفادة المطور من الأموال التي يتم جمعها إلا في حدود المشروع محل البيع على الخارطة، وهذا سيحد بشكل كبير من المخاطر بأموال المستفيدين.
في المقابل يحقق المستفيد من مثل هذه المشاريع فوائد متعددة منها القدرة على الحصول على عقار بغرض الاستثمار أو السكن دون الحاجة إلى توفير القيمة كاملة، حيث توجد لدى البعض مصادر للدخل لكن لا توجد لديه قيمة العقار كاملة فمن خلال مثل هذه البرامج يمكن أن يتملك عقارا دون دفع القيمة الكاملة له، كما أن المستفيد يمكن أن يحصل على العقار بقيمة أقل من سعره السوقي لكون قيمة العقار في مرحلة الإنشاء بالتأكيد ستكون أقل من قيمة العقار الجاهز، كما أن الارتفاع المتوقع لأسعار العقار على المدى المتوسط ستتضح في ربحية المستفيد أو المستثمر وقت التسليم.
الاستثمار في القطاع العقاري وتنويع الفرص الاستثمارية فيه من خلال البيع على الخارطة ما زال في مرحلة تعد أقل من المتوسط فحجم مشاريع البيع على الخارطة محدود جدا عند مراجعة موقع "وافي" والمشاريع المتاحة فيه مقارنة بحجم القطاع العقاري عموما والاستثمارات الحالية فيه، كما أنه لا يوجد تنوع كاف حيث تركز هذه المشاريع على القطاع السكني دون المشاريع التجارية مثل المحال التجارية أو المكاتب المخصصة للتأجير أو حتى الوحدات الفندقية. ومن هنا تأتي أهمية الاهتمام بالنشر المعرفي عن التنظيمات والبرامج والمشاريع والفرص في مجال البيع على الخارطة، إذ يمكن أن يستقطب كثيرا من الاستثمارات ويعزز استدامة مصادر التمويل خصوصا مع وجود احتمال كبير أن تستمر المستويات المرتفعة لمعدلات الفائدة لمدة قد تكون طويلة نسبيا.
الخلاصة: إن البيع على الخارطة يعد من الخيارات الجيدة لتمويل المشاريع العقارية ويحقق منافع للمطور والمستفيد لكون القطاع العقاري يعد أحد أهم القطاعات التي تعزز تنويع مصادر الدخل ونمو الناتج المحلي، ولذلك من المهم التعريف بهذا النوع من المعاملات وتعزيز تنوع الفرص المتاحة سواء في القطاع السكني أو التجاري أو السياحي.

إنشرها