الاختبارات النفسية تساعد الشركات على التوظيف بشكل أفضل

الاختبارات النفسية تساعد الشركات على التوظيف بشكل أفضل
عندما يشعر العاملون بالرضا النفسي يكونون أكثر إنتاجية في مكان العمل وكذلك أكثر صحة وسعادة.

كان هذا أقرب ما يكون إلى رؤية معالج نفسي بالنسبة إلي. فبعد عدة ساعات من اختبارات الشخصية والكفاءة لوظيفة افتراضية في شركة أليكس بارتنرز الاستشارية، حان الوقت للتحدث إلى جيريمي بوريس، وهو شريك في الشركة وخبير في علم النفس التنظيمي. أراد أن يناقش "هيكل شخصيتي الصلبة".
منذ 40 عاما، تقوم شركة أليكس بارتنرز بجمع بيانات حول الاحتياجات النفسية الأساسية للموظفين المحتملين، من موظفي الاستقبال فيها حتى رئيسها التنفيذي. تظهر النتائج التي توصلت إليها الشركة أنه عبر اكتشاف ما يدفع الفرد بالفطرة، يمكنهم التوظيف على المدى الطويل واستبعاد الأشخاص الذين لن يكونوا مناسبين ثقافيا وبناء فرق تعمل بشكل أكثر فاعلية.
يصدر عديد من مبتكري أدوات تقييم الشخصية تنويهات مفادها أنه لا ينبغي استخدامها للتنبؤ بالأداء الوظيفي. يقول مديرون تنفيذيون باحثون عن كفاءات "إن الناس يكذبون ويمكن أن تتغير الردود اعتمادا على الوقت، وإن الاختبارات التجريبية تعني أنه يمكنك التغلب على النظام". تعتقد شركة أليكس أن تقييمها يغير قواعد اللعبة بالنسبة إلى الشركة، فهي تستخدم النتائج لحل المشكلات داخل الفرق وتعتقد، كالشركات الأخرى، أن الاختبار يساعد على تنويع قوتها العاملة لأنها لا تقوم بالتوظيف من مدارس معينة أو أشخاص يحملون درجات معينة. لكن رغم ذلك، تقر الشركة الاستشارية بأن الاختبارات وحدها لا تكفي لتوظيف شخص ما.
إذن، لماذا هي منتشرة جدا؟
قال جيمس ريد، رئيس مجلس إدارة شركة التوظيف التي تحمل اسم العائلة ومديرها التنفيذي: "إذا قمت بتعيين شخص جيد، فهذا أمر قوي ومفيد".
توماس تشامورو-بريموزيك، وهو عالم في مجال النفس التنظيمي وخبير في تحديد السمات الشخصية، لاحظ أن الاختبارات رغم وجود تباين كبير في جودتها، إلا أن نسبة صغيرة منها كانت دقيقة للغاية، مشددا على أن "الاختبارات جيدة التصميم تتنبأ بالأداء".
وفقا لتشامورو-بريموزيك، لم تستخدم سوى 10 - 15 في المائة من شركات فورشن 500 والشركات المدرجة في مؤشري فاينانشيال تايمز 100 وإس آند بي 500 نوعا من اختبارات ما قبل التوظيف. ومع أن هذه الشركات اختبرت نسبة صغيرة فقط من إجمالي قوتها العاملة -ربما على مستوى الموظفين المبتدئين أو اللجنة التنفيذية- إلا أن شركات بدءا من بيبسي وبوينج مرورا بشركة شل إلى ميرسك وسبوتيفاي جميعها استخدمت هذه الاختبارات.
لكن ليس هناك ما يضمن نجاح أدوات التوظيف هذه. وهذا كما يقول ريد "هو السبب في أننا ما زلنا هنا. أهم شيء بالنسبة إلى الموظفين هو النزاهة. هل هذا الفرد صادق وجدير بالثقة؟ ولا تفعل أي من هذه المنتجات ذلك".
يقوم ريد بكثير من أعمال الغربلة للعملاء، بدءا من تقييم السير الذاتية وانتهاء بالائتمان والتحقق من السجلات الجنائية والحصول على المراجع. قال: "نحو 40 في المائة منها تحتوي على خطأ"، في إشارة إلى حقيقة أن الناس ينمقون تاريخهم العملي ومؤهلاتهم.
باعتباري متقدمة أمينة للاختبار، كشفت تقييمات شركة أليكس عن بعض السمات التي أعرف أنني أمتلكها، فأنا أنجز المهام بدقة، ومدفوعة بالقيم، وأعمل بأفضل شكل عندما يكون لدي أهداف واضحة ومحددة جيدا، وأختار العمل الذي يتوافق مع قيمي ومعتقداتي. وفي الوقت نفسه، يمكنني أن أتحمل الكثير، وأعاني عند تفويضي أحدا للقيام بعملي، ومفرطة في التركيز على تحقيق أهدافي لدرجة إهمالي لنواح مهمة من حياتي، ويمكن أن أكون عنيدة وناقدة بشكل مفرط. من المرجح أن يتفق زوجي مع هذا التقييم.
لقد أظهرت نتائجي أنه حتى مع تفوق مهارات التفكير النقدي لدي، فإن قدرتي على معالجة كميات كبيرة من البيانات بسرعة كان من الممكن أن تكون أفضل. لم يسعني إلا أن أظن أنه لو لم يستيقظ طفلي بشكل متكرر في الليلة التي سبقت الاختبار، فمن المحتمل أن يكون أدائي أقوى. ولو بحثت في الإنترنت وأجريت اختبارات تجريبية، لكان بإمكاني تحسين درجاتي.
قال تشامورو-بريموزيك "إن إجراء الاختبارات التجريبية لا يعني بالضرورة أنك كنت تتلاعب بالنظام. فأنت تظهر نفسك في أفضل صورة"، مضيفا أن "الموظفين المحتملين يغشون أقل مما يعتقده الناس، خوفا من ضبطهم وهم متلبسون. وحتى لو كذب بعضهم فما المشكلة"؟ "إذا كان بإمكانك إخبار أصحاب العمل بما يريدون سماعه (...) هل من خطأ في ذلك؟ يبدو هذا غير أخلاقي، لكن هذا هو العالم الحقيقي. فقد تكون جيدا في عملك في الحقيقة حتى لو كذبت طوال حياتك".
إذا وضعنا الأفكار الساخرة جانباً، فإن الاختبار يوفر مستوى إضافيا من الضمان في وقت يكون فيه التوظيف السيئ مكلفا -من حيث الوقت والمال- وسط نقص في العمال المهرة.
فهو يساعد الشركات على تقييم مهارات الفرد وإمكانات النمو لديه، كما يساعد على تقييم مدى حسن استجابته في سيناريو معين. وتهدف اختبارات الشخصية المبلغ عنها ذاتيا إلى تحديد سمات معينة، كمدى موثوقيتك أو طموحك. وتحاول الاختبارات النفسية قياس الذكاء العاطفي، كمدى تعاطفك وإدراكك لذاتك.
عندما يشعر العاملون بالرضا النفسي، فإنهم يكونون أكثر إنتاجية في مكان العمل وكذلك أكثر صحة وسعادة.
إذا تحسنت تكنولوجيا الاختبار وأمكن ضمان مزيد من الدقة، فستكون المعلومات التي تقدمها لا تقدر بثمن لجميع قادة الفرق، سيكونون قادرين على التعامل مع الأشخاص بشكل أفضل، وسيتم تكليف الأفراد بعمل أكثر ملاءمة لهم، ويمكن للمجموعات أن تعمل بشكل أفضل ويمكن تبديد التعارض بسرعة.
إلى أن يحدث ذلك، قد يكون من الحكمة أن تأخذ الشركات في الحسبان هذه التنويهات.

الأكثر قراءة