لب رؤية ولي العهد .. المواطن السعودي عماد التحول في السعودية

لب رؤية ولي العهد .. المواطن السعودي عماد التحول في السعودية
لب رؤية ولي العهد .. المواطن السعودي عماد التحول في السعودية

تروي كتب التاريخ قصص نجاح ملهم عن الدول، ولا سيما تلك التي كانت في حال وأضحت في حال أخرى. دول تصير مع مرور الزمن تجارب نموذجية، أو بصيغة أدق وصفات عملية للتقدم والرقي والازدهار، يمكن لبقية الدول أن تسير على هديها، حتى اتخاذها دلائل إرشادية تشتغل وفقها، في مسيرة البناء والتطور والرقي التي تنشدها جميع الشعوب والأمم على وجه الأرض.
عادة ما تغطي تفاصيل السرد، بوقائعها الكبرى وأحداثها المفصلية، على عناصر من الأهمية بمكان، فدونها ما كان لوصفة الإنبات أن تؤدي إلى حصاد الإثمار في هذه التجارب الناجحة. الحديث هنا عن الشخص، أي: الزعيم المقدام صانع التغيير الذي يؤمن بالإمكانات والقدرات، فينتصر للفعل والإنجاز حين يختار معاكسة التاريخ لا مسايرته، وتغيير حقائق الواقع عوض القبول والرضا بها، ويصنع الأحداث بدل أن تصنعه، كاشفا مسارات جديدة في مسيرة أمة أو شعب، كانت في وارد اللا مفكر فيها ولو على سبيل الأحلام.
هذا التحدي الممزوج بالمغامرة والجرأة أدخل أسماء عديدة إلى سجل التاريخ، ومن أوسع أبوابه، وحجزوا بفضله مقعدا في ذاكرة الأجيال على مر العصور، وذلك نتيجة أدوارهم الطلائعية في لحظة التأسيس أو معركة التحرير أو صناعة نهضة وأمجاد شعب أو قومية. ففي سيرة كل دولة صانعو المعجزات، ممن آمنوا بقدرات شعوبهم على تحويل الأحلام إلى حقائق على أرض الواقع، فقرروا بذلك نسج خيوط حكاية أخرى عن دولهم غير تلك التي تروى.
يتابع العالم قاطبة، منذ ستة أعوام، تفاصيل هذه الحكاية أولا بأول في المملكة العربية السعودية حين اختار ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان تسطير تاريخ جديد في مسيرة البلد، باعتماد رؤية ثاقبة رؤية 2030، لا ترضى للمملكة إلا أن تكون في مصاف الدول ذات القوة والثقل الاستراتيجي على الصعيدين الإقليمي والدولي. وداخليا، لا تتوانى في إحداث ثورة مجتمعية قوامها سعودية جديدة، بتدشين تحولات على جميع الأصعدة وفي كل المجالات.
رفض ولي العهد الاستكانة إلى الحلول السهلة والخيارات المألوفة، فالتغيير الحقيقي، وليس مجرد الترقيع، قصد تحقيق التحول، يتطلب خوض غمار المخاطرة. لذلك اختار، وبكل جرأة وشجاعة، المعادلة الصعبة التي تستند إلى لغة الأرقام، من أجل قلب الموازين في أقصر وقت. وحتى يكون نموذج التغيير سعوديا صرفا، استعان رجل المهمات الصعبة بإرث المملكة العريق، الممتد عبر قرون من الزمن، على غرار التجارب العالمية الرائدة في التغيير، للتعاطي مع مشكلات الحاضر وعينه على بناء مستقبل واعد ومشرق.
يعد قرار إخراج قطار الاقتصاد السعودي، بعد عقود من الزمان، عن مساره التقليدي المعروف نحو مسارات حديثة أكثر وهجا وتطورا واستدامة وتجددا، خير دليل على الرهانات الكبرى التي تخوض المملكة غمارها. فالبلاد، بطولها وعرضها، تعيش على وقع مسيرة التحول الكبرى، نحو اقتصاد متعدد الموارد بمشاريع عملاقة، تحدث مراكز اقتصادية، صناعية، ثقافية، وسياحية.. صيرت المملكة منذ أعوام قبلة مفضلة لرجال المال والأعمال من كل أقطاب العالم.
وهكذا دواليك جرت الأمور في باقي مناحي الحياة بالبلاد، حيث يمتد نطاق التغيير ويزداد إيقاعه، يوما بعد آخر، فالمعركة لا محالة كبيرة، وسقف التطلعات مرتفع. لكن ذلك يهون على أمير شاب وقائد شجاع، مؤمن أشد الإيمان بقدرات أبناء وبنات شعبه على جعل المستحيل ممكنا، وبأياد وعقول سعودية خالصة. كما جاء على لسانه في إحدى المقابلات الإعلامية، حين قال، "مصطلح الخوف لا يوجد في قاموس المواطن السعودي، قد نقلق لكن لا نخاف".
تبقى إحدى نقاط قوة سياسة ولي العهد الثاقبة التركيز على استثمار العنصر البشري، إيمانا منه بحكمة "أن الاستثمار يكون في البشر قبل الشجر". هكذا وجد المواطن السعودي نفسه عماد التحول في البلاد، بعدما أضحى اكتشاف قدرات الإنسان السعودي وطاقاته هدفا محوريا في كل البرامج والخطط والمبادرات، حيث يمتزج الإنسان بالزمان والمكان مشكلا الثالوث المتكامل في بناء أي مشروع أو رؤية في البلد.
فضلا عن ذلك، جعل ولي العهد مصلحة السعودية فوق كل حساب، فهي البوصلة التي تضبط تحرك البلاد ذات اليمين وذات الشمال في المشهد الدولي. وبدا الأمر واضحا في أكثر من موقف للرياض من الأحداث على الساحة الدولية، حيث فرضت على نفسها الحياد محافظة على مسافة تجاه الأطراف، ما منحها فرصة القيام بأدوار الوساطة الدبلوماسية، كتلك التي قادها ولي العهد بين روسيا وأوكرانيا في أيلول (سبتمبر) للإفراج عن عشرة أسرى حرب من دول مختلفة.
تتجه المملكة العربية السعودية، بفضل عهد العزم والحزم التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، نحو كتابة صفحة جديدة من تاريخ مجيد، يجعلها رقما صعبا بين الأمم والشعوب لا يمكن تجاوزه، وما تحول العاصمة السعودية الرياض، في الأعوام الأخيرة، إلى قبلة يقصدها زعماء السياسة الكبار في العالم (جو بايدن، شي جين بينج، أولاف شولتس...) إلا دليل على أن المملكة، بسياسة العقلانية والحياد، أضحت أحد مصبات القرارات المتعلقة بالمجتمع الدولي.

الأكثر قراءة