Author

آذن بالرحيل

|

يحدثني سائق العائلة عن حاله في السعودية بعد أن قضى أربعة أعوام كان أولها في زمان كورونا التي حجرتنا في المنازل، وحرمتنا من الاستمتاع بشهر رمضان الذي كنا نعرفه، وجدنا في تلك الأيام في المجلس نفسه نصلي ونأكل ونتسامر والقلوب مكلومة على فقدان روحانية وجمال ليل رمضان، ونهاره أصبح أشبه بالحلم الذي لا يتمنى أحد تكراره. لم أتوقع أن يكون قد أمضى تلك المدة في البلاد، لكنه رصد كل رمضان وكيف كان حاله فيه. أزعم أن فراق الأهل كان السبب في تلك الذاكرة الحديدية، وهو أمر نشكر الله على أن حمانا منه فيسر لنا الحال لنعيش بحبوحة لا أظن أحدا من سابقينا عاشها.
تمر هذه الأيام العشر الأواخر من رمضان العظيم الذي يخيل إلي كأنه بدأ بالأمس. أستطيع أن أنعته بأسرع رمضان مر علي. لكن هذا الشعور يأتيني كل عام، وأخاله من تأثير تقارب الزمان فكل عام يبدو الزمان أكثر تقاربا من ذي قبل. وهذا من النذر المهمة التي يجب أن ينتبه لها كل الناس فتقارب الزمان من علامات الساعة.
وما دام رمضان يؤذن بالرحيل، فلا بد أن نودعه خير وداع، وهذا أمر أشاهد تعاظمه كل يوم بين الناس. امتلأت المساجد وانتشرت أعمال الخير والبحث عن المحتاجين، وشدت الجمعيات حيلها في تحصيل الأموال، ولعل إنفاقها يكون بمستوى الاحترافية نفسه في التحصيل.
انطلق مشهورو التواصل الاجتماعي في دعواتهم إلى التبرعات، وهو أمر أفترض أنه مسيطر عليه من قبل الجهات ذات الاختصاص، فمتابعو المشاهير يميلون إلى التفاعل مع مشاهيرهم في كل ما يقدمونه من إعلانات، بل إنهم يقتدون بأولئك المشاهير حتى في ملابسهم وطرق حديثهم. هذا شأن آخر يمكن أن يأخذ زمنا أطول في التحليل والنقاش من قبل أصحاب الاختصاص.
أعود إلى التذكير بانتهاء الشهر المبارك وما نحتاج أن نفعله الآن، ونحن في حماس القدسية والروحانية الذي نماه الشهر فينا، فنحن بحاجة إلى التغيير للأفضل وتحسين علاقتنا بمولانا جل شأنه، ومن ذلك الاستمرار على العمل الصالح بعد انتهاء رمضان. يشمل العمل الصالح العبادات والمعاملات، ومنها الصدق وصلة الرحم والتفاعل مع المحتاجين وتفقد من حولنا من الجيران والأقارب والمحافظة على الابتسامة والجيرة الحسنة.

إنشرها