طواحين الهواء
حين خلق الله آدم -عليه السلام- شعر بغربة ووحدة في الجنة، فخلق من ضلعه وهو نائم أمنا حواء. هذا الضلع كما يقول العلماء بشكله الأعوج المنحني إنما هو ليحمي القلب ويكون له درعا، وبالتالي يشعر الرجل دوما باحتياجه إلى امرأة يسكن إليها وتشعر هي بجواره بالقوة والأمان، فكلاهما يستمد من الآخر ما ينقصه لتكتمل صورتهما مع بعضهما بعضا، فآدم رمز القوة والأمان وحواء رمز العاطفة والاحتضان، وإذا كان كلاهما يدرك جيدا دوره في الحياة والمسؤوليات الملقاة على عاتقه والواجبات المطلوبة منه والحقوق المكفولة له شرعا ونظاما.
فإن الحياة ستسير بحب وهدوء ونجاح وطمأنينة وسكن نفسي ومودة ورحمة... أما حين تمتد الأيادي العابثة لتمزق هذه الصورة من كل طرف وتسكب العقول اللاعقلانية أفكارها المتطرفة، فإنها حتما ستكون صورة مشوهة ومنفرة، في عصرنا هذا التي اضطربت فيه الموازين، ظهر تياران كل واحد منهما يقاتل من أجل إحراز نصر يدون في سجلاته المهترئة بغض النظر عن النتائج الكارثية على الضحايا والقيم والأسرة والأجيال والمجتمع.
تيار النسوية والذكورية كل واحد منهما يشن حربا شعواء على الآخر، فالنسوية تعد انسجام المرأة مع الرجل واحترامها وتقديرها له هو نوع من العبودية والإذلال والامتهان لكرامتها والتنازل عن حقوقها، فيقمن بتأجيج الرأي العام وترتفع أصواتهن التي تصور المرأة أنها مسلوبة الحرية والإرادة، ويرفعن مستوى المظلومية وربما تجاوزن المدى بتأجيج الرأي العام العالمي، أما الذكورية فهم الذين يرون أن المرأة من سقط المتاع وما خلقت إلا لإرضاء الرجل ورغباته وتنفيذ مطالبه والصبر على عاهاته النفسية، ويعتقدون أن كل رجل متفهم قائم بواجباته ومسؤولياته تجاه زوجته ومساند لها في رحلة نجاحها ومساعد لها في مسؤوليات الأسرة، إنما هو "خروف" ولا يمت لعالم الذكورية بصلة وطبعا وسائل التواصل الاجتماعي والمسلسلات تشعل الحرب بينهما أكثر وأكثر.
الدولة أدامها الله كما حفظت حقوق الرجل فقد حفظت حقوق المرأة أسريا ومجتمعيا ووظيفيا وتعليميا، ولم تحظ المرأة بحقوقها كاملة التي تكفل لها الاحترام والتقدير وحق تقرير المصير بالزواج والدراسة والعمل والقيادة وغيره، كما حظيت بها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين، ولذلك سيظل التياران النسوي والذكوري يتصارعان حتى ينسحب المتفرجون لافتقاد مصداقية الطرفين المتحاربين وسيكتشف العالم أن هذين التيارين كانا يحاربان طواحين الهواء!
وخزة:
"أقولها بكل فخر، أعظم الإنجازات على مستوى الشرق الأوسط طبيا وعلميا ورياديا وثقافيا ودينيا... كان منبعها رجال ونساء المملكة معا يدا بيد، ولا عزاء للنسويات والذكوريين".