تفاؤل في سوق النفط بقوة الطلب الصيني .. سحوبات قوية في البنزين ونواتج التقطير

تفاؤل في سوق النفط بقوة الطلب الصيني .. سحوبات قوية في البنزين ونواتج التقطير
اسعار النفط الخام تماسكت نسبيا بعد الشعور بالهدوء في الأسواق المالية.

استمرت التقلبات في سوق النفط الخام وسط تركيز المتعاملين على مخاوف المعروض وأزمة المصارف الأمريكية.
وتتفاءل السوق بعودة الطلب الصيني، لكنها ترى أن الحديث عن نمو قوي للطلب في المرحلة الراهنة قد يكون مبالغا فيه في ظل تباطؤ وتيرة التعافي واستمرار حالة عدم اليقين في السوق، في ضوء الانهيارات المصرفية التي قوضت الثقة وجعلت أسعار النفط تقترب من 70 دولارا للبرميل.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون “إنه لا يوجد حاليا ما يشير إلى تدخل جديد من جانب تحالف (أوبك +) في السوق النفطية بعد انخفاض الأسعار أكثر مع تكرار وقوع أزمات مصرفية أخرى، لكن في المقابل حدث ارتفاع في أسعار النفط إلى أعلى مستوى له في نحو أسبوعين، حيث أدت اضطرابات الإمدادات في تركيا إلى زيادة تفاؤل السوق على نطاق واسع بأنه قد يتم تجنب عدوى مصرفية أوسع”.
وذكر المحللون أن شراء شركة “فريست سيتيزن” بنك “سيليكون فالي” خفف من المخاوف من أن اضطراب القطاع المصرفي قد يمتد إلى أزمة أوسع بينما أدت خلافات في العراق إلى توقف نحو 400 ألف برميل يوميا من صادرات النفط الخام وأيضا تعمل المصافي الفرنسية بجزء ضئيل من طاقتها الطبيعية وسط إضرابات احتجاجا على إصلاحات نظام التقاعد الحكومي.
ورجح المحللون أن تصدر بيانات إيجابية قريبا عن التضخم تؤدي إلى تحسين المعنويات في سوق النفط الخام، مشيرين إلى تقارير بنك “ستاندرد تشارترد” التي تؤكد أن توازن العرض والطلب على النفط معتدل نسبيا من حيث الآثار السعرية لكنه لا يدعم أي زيادة مستمرة هذا العام فوق مائة دولار للبرميل، متوقعين أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 91 دولارا للبرميل في العام الجاري و98 دولارا للبرميل في العام المقبل.
وقال سيفين شيميل مدير شركة في جي أندستري الألمانية، “إن أسعار النفط الخام تماسكت نسبيا بعد الشعور بالهدوء في الأسواق المالية، لكن النفط في طريقه إلى تسجيل أسوأ شهر له منذ نوفمبر الماضي بسبب تأثيرات حدوث الركود الأمريكي المحتمل ومرونة أسعار وإمدادات الإنتاج الروسي”، مشيرا إلى تركيز التجار على أحدث بيانات التضخم في الولايات المتحدة.
وذكر أن آفاق الطلب جيدة على الرغم من تضارب البيانات والتقديرات مع جهات دولية عديدة، لكن من المؤكد تعافي الطلب خاصة في الصين على وقود الطائرات إلى نحو 90 في المائة من مستوى ما قبل الجائحة، بينما تستعد الصين أيضا لتشغيل طاقة تكرير جديدة في الأعوام المقبلة، حيث من المقرر أن يخرج طلب الصين على النفط من المنطقة الحمراء ويسجل نموا قويا بنسبة 5.1 في المائة على أساس سنوي في العام الجاري، ما يوفر فرصا كبيرة لمصافي التكرير لزيادة الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد في الداخل.
من جانبه، ذكر روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن أسعار النفط الخام تلقت تحفيزا قويا نحو الصعود في بداية الأسبوع الجاري ردا على توقف صادرات النفط الخام في كردستان، وذلك بعدما قضت غرفة التجارة الدولية الأسبوع الماضي لمصلحة العراق ضد تركيا في خلاف على تدفقات الخام من كردستان، لافتا إلى تأكيد شركة وود ماكينزي الدولية أن عودة الصين إلى التنقل الطبيعي من المتوقع أن تؤدي إلى انتعاش قوي في الطلب العالمي على النفط في العام الجاري، حيث سيربح الطلب الصيني هذا العام 2.6 مليون برميل يوميا.
وأضاف أن “أسعار النفط تلقت دعما إضافيا من خلال إشارات على تهدئة المخاوف بشأن النظام المصرفي في الولايات المتحدة”، مبينا أن ذلك يأتي عقب انخفاض في أسعار النفط لم يكن متوقعا من قبل، حيث يبدو أن النفط انخفض أكثر من أي سلعة أخرى، كما يشير حجم الانخفاض في أسعار النفط إلى مخاوف من حدوث ركود حاد.
من ناحيته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة أيه كنترول لأبحاث النفط والغاز، “إن التفاؤل يعود تدريجيا للسوق النفطية على الرغم من مخاوف الركود الممتد للطلب على النفط الخام”، لافتا إلى وجود مزيد من علامات التسارع في إعادة الانفتاح الصيني وهو ما يؤدي إلى مكاسب كبيرة في الطلب على النفط الخام.
وأوضح أن أسعار خام غرب تكساس الوسيط المنخفضة قد تدفع وزارة الطاقة الأمريكية إلى طرح عروض لتجديد احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي، حيث أشارت الوزارة سابقا إلى أنها ستعيد شراء النفط الخام في نطاق سعري بين 67 - 72 دولارا للبرميل.
بدورها، ذكرت جولميرا رازيفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، أن النفط الخام شهد أكبر انخفاض أسبوعي له منذ ستة أعوام بسبب المخاوف المرتبطة بالركود والأزمة المصرفية الدولية، موضحة أن انهيار بنك سيليكون فالي دفع خام برنت في الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له في 14 شهرا.
ونقلت عن تقارير دولية أن هناك عمليات بيع مكثفة للنفط الخام والبنزين جنبا إلى جنب مع تحرك سريع من قبل الصناديق في المعادن الثمينة، مشيرة إلى أنه كانت هناك سحوبات قوية في البنزين ونواتج التقطير وقد ارتفعت مخزونات النفط الخام بمقدار 3.35 مليون برميل فوق متوسط خمسة أعوام، بينما لا يزال الطلب ضعيفا، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط الخام في ختام تعاملات أمس، لتواصل مكاسبها الحادة التي حققتها في الجلسة السابقة بفعل مخاطر تعطل الإمدادات من إقليم كردستان العراق، والآمال في احتواء أزمة القطاع المصرفي.وتحرك النفط الخام في نطاق ضيق مع التركيز على مخاوف المعروض وأزمة المصارف.
وبحسب “رويترز”، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 53 سنتا أو 0.7 في المائة لتبلغ عند التسوية 78.65 دولار للبرميل. وصعد كذلك خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 39 سنتا، أو 0.5 في المائة إلى 73.20 دولار للبرميل عند التسوية.
وصعدت الأسعار يوم الاثنين أكثر من ثلاثة دولارات بعد أن اضطر العراق إلى وقف تصدير نحو 450 ألف برميل يوميا من إقليم كردستان بشمال البلاد عبر تركيا بعد أن أكد قرار تحكيم أن موافقة بغداد مطلوبة لشحن النفط.
وأثار إعلان بنك فيرست سيتزن يوم الإثنين أنه سيستحوذ على ودائع وقروض بنك “سيليكون فالي” المنهار مشاعر التفاؤل حيال وضع القطاع المصرفي الذي أثار الاضطراب في أسواق المال.
وأفادت تقارير بأن السلطات الأمريكية بدأت مداولات بشأن التوسع في تسهيلات الإقراض الطارئ. وتلقت أسعار النفط دعما من مؤشرات على طلب صيني قوي.
وأشارت توقعات سنوية صادرة عن وحدة أبحاث تابعة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية يوم الإثنين إلى أنه من المتوقع ارتفاع واردات الصين من النفط الخام 6.2 في المائة في عام 2023 مقارنة بالعام الماضي إلى 540 مليون طن. وأظهر استطلاع مبدئي أن مخزونات النفط الخام الأمريكية ارتفعت نحو 200 ألف برميل الأسبوع الماضي.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 75.01 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 74.60 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وأن السلة كسبت نحو خمسة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 70.77 دولار للبرميل.

سمات

الأكثر قراءة