Author

انتعاش البيئة في المملكة .. إرادة وإنجاز

|

بناء على مشاهدات شخصية واسعة، فإن هناك انتعاشا بيئيا ملحوظا في مختلف مناطق المملكة. ويمكن القول -بكل ثقة- إن انتعاش البيئة والتنمية البيئية التي تشهدها بلادنا يعكس الطموحات الكبيرة، والرؤية الواضحة، والإرادة القوية، والقرارات الحاسمة. فقد تجولت مع بعض الأقارب والأصدقاء قبل أسابيع في شمال المملكة، فسررت بما رأيت في مجال التنمية البيئية. سعدت كثيرا بعودة الحياة النباتية الفطرية في كثير من "الفياض" والمحميات. وهذا يعكس ثمار مستهدفات رؤية المملكة 2030 نحو تنمية الحياة الفطرية وحمايتها من التدهور والعبث نتيجة الرعي الجائر والاحتطاب وعبث المتنزهين، علاوة على جهود إعادة تشجيرها بتضافر الجهود الحكومية والخاصة والأهلية. فقد ازدادت أعداد الجمعيات البيئية الخضراء التي تقوم في الغالب على مجموعة من المتطوعين الشباب.
يواكب ذلك تنامي الوعي البيئي الملحوظ لدى الشباب المتنزهين، فكثير منهم يقوم بجمع النفايات والمخلفات ويضعها في أكياس، ثم ينقلها معه إلى أقرب مكان مخصص لرميها في أماكن وصول شاحنات البلدية، وبعضهم الآخر يجمعها ويحرقها أو يضعها في أكياس بالقرب من الطرق لتسهيل نقلها من قبل عمال البلدية.
لا شك أن الإرادة القوية والحزم أديا إلى نتائج مبهرة، فعلى طول الطرق كنا نقارن مناطق محمية إلى يمين الطريق مثلا بأخرى غير محمية في الجهة المقابلة، لنرى تزايدا ملحوظا في كثافة الغطاء النباتي وتنوع النباتات والزهور في الجانب الذي حظي بالحماية مقارنة ببقايا نباتات بسيطة تذروها الرياح، نتيجة الرعي والاحتطاب الجائرين، وما ينتج عن ذلك من تدهور بيئي.
فتحقيقا لرؤية المملكة 2030 التي تشير إلى أن حفاظنا على بيئتنا ومقدراتنا الطبيعية واجب ديني وأخلاقي وإنساني، بل هو مسؤولية تجاه الأجيال القادمة، ومن المقومات الأساسية لجودة حياة السكان. ووفقا لذلك تسعى الحكومة الرشيدة -وفقها الله- إلى تحقيق الاستدامة البيئية من أجل بناء مجتمع حيوي يتمتع أفراده بنمط حياة صحي. وكذلك تنص الرؤية، "سنعمل على الحد من التلوث برفع كفاءة إدارة المخلفات والحد من التلوث بمختلف أنواعه، كما سنقاوم ظاهرة التصحر، وسنعمل على الاستثمار الأمثل لثروتنا المائية عبر الترشيد واستخدام المياه المعالجة والمتجددة، وسنؤسس لمشروع متكامل لإعادة تدوير النفايات، وسنعمل على حماية الشواطئ والمحميات والجزر وتهيئتها، بما يمكن الجميع من الاستمتاع بها، وذلك من خلال مشاريع تمولها الصناديق الحكومية والقطاع الخاص".
ونتيجة لذلك، تعمل مبادرة السعودية الخضراء على زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة، لتحسين جودة الحياة وحماية الأجيال القادمة. وواكب ذلك إنشاء جهاز القوات الخاصة للأمن البيئي "الشرطة البيئية" الذي يهدف إلى مراقبة وضبط المخالفات البيئية، مثل الاحتطاب والصيد الجائر ونحوها.
وخلال الأعوام الأخيرة، ازداد عدد محميات الحياة الفطرية، ليتجاوز 15 محمية، منها: محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز الملكية، وتسمى أيضا محازة الصيد، وتصل مساحتها نحو 2240 كيلو مترا مربعا، وكذلك محمية جزر أم القماري بالقرب في محافظة القنفذة، بمساحة تصل إلى 182 ألف كيلو متر، ومحمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية، وتقع في حرة الحرة وما جاورها، وتصل مساحتها إلى أكثر من 130 ألف كيلو متر مربع، ومحمية الوعول في محافظة حوطة بني تميم، وتصل مساحتها إلى 2369 كيلو مترا مربعا، ومحمية الملك عبدالعزيز في التنهات والخفس بمساحة تصل إلى 15700 كيلو متر مربع، ومحمية محمد بن سلمان في المنطقة الواقعة بين مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر والعلا، بمساحة تصل إلى 16 ألف كيلو متر مربع، إلى جانب محمية الإمام تركي بن عبدالله في شمال المملكة لزيادة الغطاء النباتي وتوطين بعض الحيوانات مثل غزال الريم وغيرها.
وأخيرا، شهدت إدارة المحميات في المملكة تطورا كبيرا وغير مسبوق من حيث الأداء، وحسن التعامل مع الناس، ومنح رخص الدخول والاستمتاع بالمحميات تحت إشراف المسؤولين عن المحميات، ما يضمن الحفاظ عليها، وفي الوقت نفسه يمكن الراغبين من الاستمتاع بمكوناتها النباتية والحيوانية.

إنشرها