هجرة أطباق رمضان

أطباق رمضان لها مذاق خاص ليس في طعمها فقط بل لأننا نتذوق من خلالها طعم الذكريات ورائحة بيوتنا القديمة وأطباق الجيران التي تنتقل من منزل إلى آخر، تعبر الأزقة فتشم رائحة الشوربة وطبق المهلبية أو التطلي!
وعندما يحين الأذان وتفطر حسب السنة تتجه عينك مباشرة إلى ملكة مائدة رمضان تلك المثلثات الذهبية الساحرة التي تتوسط المائدة، ليس في السعودية فقط، بل في الدول الخليجية أيضا، بمختلف حشواتها، فمن أين أتت؟ وما أصل نشأتها؟
الروايات التاريخية لأصولها لا تعد ولا تحصى، فمنهم من يقول إنها تعود إلى العثمانيين في نشأتها وابتكارها، ولا تعود بأصولها إلى دول الخليج أو الدول العربية، بينما يرى مؤرخون أن السمبوسة تعود في بداية ظهورها إلى حضرموت. وتجمع الوثائق التاريخية على أن أصل السمبوسة هندي، مستدلين بذلك من خلال اشتهار الهنود بالمأكولات التي يتم غمرها بالزيت لقليها، ففي كتاب رحلات ابن بطوطة، قال الرحالة، إنه وفي زيارته للحاكم محمد بن تغلق في الهند، قدموا له طبقا يعرف باسم "ساموسا"، وهو عجين محشو باللحم واللوز مقلي بالزيت. ثم عبرت المحيط من خلال التجار إلى حضرموت ومنها إلى الحجاز عن طريق الحجاج. أما الإنجليز فنقلوها إلى الدول الإفريقية ومع تطور هذا الطبق، أصبحت تحشى بالخضراوات، أو اللحم المفروم، أو البطاطا أو الجبن.
وقديما كان أشهر مشروب يروي العطش وينعشك بعد طول فترة الصيام وحر القيظ مشروب "قمر الدين"، الذي يصنع من عصير المشمش المجفف والمحلى وتحرص ربات البيوت على نقع شرائحه من الظهر ليكون جاهزا على مائدة الإفطار، ويرجح كثير من المؤرخين أن أصول نشأته الأولى تعود إلى المطبخ التركي ومنه انتشر في باقي الدول العربية وعلى وجه الخصوص في سورية، ويعد كثير من الخبراء أن السر في مشروب "قمر الدين" هو جودة ثمار المشمش السوري!
أما القطايف فلا يكاد يخلو بيت عربي منها في رمضان، سواء كانت محشوة بالجوز أو الجبن، وحسب أقوال الرواة، إن أصلها يعود إلى العصر الأموي، إذ يعد الخليفة سليمان بن عبدالملك الأموي أول من تناولها في رمضان لاحتوائها على كثير من السكر. وفي رواية أخرى، كان الطهاة في العهد الفاطمي يتنافسون في تقديم أجمل ما تصنعه أيديهم للسلطان للحصول على رضاه، فقام أحدهم بصنع فطائر محشوة بالمكسرات وزينها بشكل جميل، ومن روعة لذتها تهافت عليها الحاضرون وهم "يقطفون" الحبات من بعضهم بعضا، فسماها صاحبها بالقطايف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي