الطاقة- النفط

ناقلات «الظل» .. تجارة غامضة تتحايل على العقوبات وتفاقم حوادث تسرب النفط

ناقلات «الظل» .. تجارة غامضة تتحايل على العقوبات وتفاقم حوادث تسرب النفط

جنحت ناقلة نفط قبالة الساحل الشرقي للصين وتسرب منها الوقود وتعرضت أخرى لحادث تصادم قرب كوبا بينما تحفظت إسبانيا على ثالثة لانجرافها خارج السيطرة.
كل هذه السفن جزء من أسطول ناقلات "الظل" التي نقلت النفط العام الماضي من دول تخضع لعقوبات غربية، وذلك وفقا لتحليل أجرته "رويترز" لبيانات تتبع السفن والحوادث، ومقابلات مع أكثر من 12 متخصصا في القطاع.
يقول ممثلو القطاع، ومن بينهم متعاملون في سلع أولية وشركات شحن وتأمين وجهات تنظيمية، "إن مئات من السفن الإضافية انضمت إلى تلك التجارة الغامضة الموازية على مدى الأعوام القليلة الماضية".
وقال إريك هانل الرئيس التنفيذي لشركة "ستينا بالك" لتشغيل الناقلات "خطر وقوع الحوادث يتزايد بكل تأكيد.. ربما نتأثر ونحن في ميناء.. لأن أحدهم يصطدم بنا أو يفقد السيطرة وهو خطر أكبر بكثير مع هذا النوع من السفن لأنها أقدم ولا تخضع لصيانة جيدة".
وتوقف عديد من شركات إصدار شهادات الاعتماد وصناعة المحركات التي تقر صلاحية وسلامة السفن للملاحة عن تقديم خدماتها لسفن تحمل النفط من دول خاضعة لعقوبات مثل فنزويلا كما فعلت كذلك شركات تأمين، ما يعني أن هناك رقابة وإشرافا أقل على سفن تحمل شحنات خطرة قابلة للاشتعال.
ويخشى بعض خبراء القطاع من أن تلك التجارة الموازية التي تنقل ملايين البراميل من النفط حول العالم قد تقوض جهودا تبذل منذ عقود لتعزيز سلامة النقل البحري بعد كوارث مثل كارثة تسرب النفط من الناقلة إكسون فالديز في ألاسكا عام 1989 التي تسببت في أضرار بيئية جسيمة.
وشهد العام الماضي ثمانية حوادث على الأقل شملت الجنوح والتصادم أو التصادم الوشيك لناقلات تحمل نفطا أو منتجات نفطية من دول خاضعة لعقوبات منها الحوادث المذكورة قبالة الصين وكوبا وإسبانيا وفقا لتحليل لمعلومات تتبع السفن وبيانات من شركة لويدز ليست إنتيليجينس بشأن حوادث السفن.
وخلص التحليل إلى أن هذا العدد من الحوادث يعادل ما وقع في الأعوام الثلاثة السابقة مجتمعة، لكنه لا يزال يشكل نسبة صغيرة من كل الحوادث المسجلة في قطاع الشحن العالمي في 2022 وعددها 61 حادثا.
ولم تتسبب تلك الحوادث الثمانية في إصابات أو تلوث كبير لكن بعض المديرين التنفيذيين يشعرون بالقلق.
ويقول جان ديليمان رئيس وحدة النقل البحري في مجموعة كارجيل للسلع الأولية "لدينا أسطول غامض لم يخضع لفحص كاف وهذا مصدر للقلق.. لا نعرف معلومات تتعلق بالصيانة والسلامة لأنه لا أحد يصعد على متن تلك السفن ويجري عمليات تفتيش، هذا لا يحدث".
وقال عديد من خبراء قطاع الشحن "إن منتجي النفط الخاضعين لعقوبات لم يكن لديهم خيار يذكر سوى اللجوء إلى سفن لا تخضع لفحوص صارمة للحفاظ على تدفق صادراتهم ودعم اقتصاداتهم المتعثرة".
تتباين التقديرات لحجم أسطول الظل، إذ يقدر متخصصون في القطاع العدد بأنه يراوح ما بين أكثر من 400 وأكثر من 600 أو نحو 20 في المائة من أسطول ناقلات النفط في العالم.
وقال آندريا أوليفي مدير قسم الشحن في شركة ترافيجورا للتجارة في السلع الأولية "بياناتنا تظهر أنها وصلت إلى نحو 650 وحدة" وتقدر الشركة أن ثلثي هذا العدد ناقلات نفط خام.
وحذر البعض من أن حجم أسطول الظل أصبح أصعب في تقديره بالنظر إلى تعقيد المشهد المتعلق بالعقوبات المفروضة على النفط الروسي.
ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من العدد المتعلق بحجم أسطول الظل ومعدل تزايده.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "إن الولايات المتحدة تسعى جاهدة لتحديد عمليات التهرب من العقوبات في قطاع الشحن من أجل تعزيز سلامة الملاحة وتقليل المخاطر البيئية".
من بين الحوادث الثمانية التي جرى رصدها العام الماضي، احتجزت الناقلة "ليندا 1" التي كانت تحمل نفطا روسيا في ميناء ألخثيراس "الجزيرة الخضراء" في جنوب إسبانيا في نوفمبر.
وأكدت هيئة الأسطول التجاري الإسبانية الواقعة وطبيعة الشحنة. وقالت لـ"رويترز"، "إن الناقلة حصلت على تصريح بتحميل قطع غيار خارج حدود الميناء، لكن وجد أنها تنجرف نحو سفن راسية بسبب أعطال في نظام الملاحة".
وقالت الهيئة التابعة لوزارة النقل "احتجزت السفينة لأنها عرضت السفن الراسية في محيطها للخطر وبسبب سلسلة من العيوب".
وذكر الأسطول التجاري أن الناقلة "ليندا 1" انتهكت أيضا لوائح التلوث الخاصة بالأمم المتحدة لأنه ليس لديها نظام لتنظيف غاز العادم البحري، أو جهاز تنظيف، بينما تستخدم وقودا بحريا عالي الكبريت. وفرض عليها غرامة قدرها 80 ألف يورو "85800 دولار" واحتجزها في الفترة من الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 27 كانون الأول (ديسمبر) بينما كان يجري إصلاح الأعطال.
وفي شرق الصين، جنحت الناقلة (أرزوي)، بينما كانت تفرغ حمولة في ميناء في إقليم تشينجداو في 23 مارس من العام الماضي ما أدى إلى تسرب نفطي محدود في مياه الميناء، وفقا لبيانات من "لويدز ليست إينتليجنس".
وبعد ثلاثة أيام، اصطدمت السفينة "بتيشن" المحملة بنفط خام فنزويلي من ميناء خوسيه في البلاد بناقلة أخرى قبالة ميناء كوبي، ولم يكن السبب واضحا.
وتخضع معظم صادرات النفط الفنزويلية لعقوبات أمريكية.
ولم يتسن الوصول إلى الشركة المالكة للناقلة "أرزوي" للتعليق. ولم يكن هناك أي تفاصيل عن سبل الاتصال بالسفينة "بتيشن".
وفقا لمزود البيانات "فيسلز فاليو"، يبلغ عمرنحو 774 ناقلة من أصل 2296 في مجمل أسطول النفط الخام العالمي 15 عاما أو أكثر.
ورغم أنه من غير المعروف كم من هذه السفن القديمة يشارك في أسطول الظل، فإن سياسات التدقيق الصارمة لشركات النفط الكبرى وتجار السلع الأولية تعني أنهم يستخدمون ناقلات تقل أعمارها عن 15 عاما.
وقال بعض الخبراء في القطاع "إن عمليات نقل النفط وشحنات وقود أخرى من سفينة إلى أخرى عن طريق ناقلات الظل في مواقع مختلفة في البحر لا تخضع لإشراف سلطات الموانئ تشكل مخاطر كبيرة على السلامة والبيئة".
ففي عام 2019، اشتعلت النيران في ناقلتين في منطقة البحر الأسود أثناء نقل الوقود في البحر، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن عشرة من أفراد الطاقم، وذلك بعد منع ناقلة منهما من الرسو في ميناء بسبب العقوبات الأمريكية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط