هل يشكل انهيار بنك وادي السيليكون خطرا حقيقيا؟ «2 من 2»

نظرا إلى أن رؤوس أموال البنوك أصبحت اليوم أفضل بكثير "ولديها احتياطيات سيولة أعلى" مقارنة بالفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية لـ2008، يجب أن تكون المؤسسات الأكبر حجما قادرة على الصمود في وجه الأزمة، خاصة الآن بعد أن قدمت الهيئات التنظيمية الأمريكية دعما جديدا لضمان الودائع. ومع ذلك، كما كان الحال في أزمة الادخار والقروض في الثمانينيات، ربما لا يزال عديد من المؤسسات الأصغر حجما التي تتبنى استراتيجيات مترابطة توجد مشكلة منهجية. وبما أن هذه المؤسسات لم تخضع لأي نوع من اختبارات الضغط المناسبة بسبب إلغاء إدارة ترمب أحكاما معينة من قانون "دود ـ فرانك"، ستحتاج الهيئات التنظيمية إلى البحث عن نقاط ضعف مالية جديدة.
وقد تكون لانهيار بنك وادي السيليكون آثار سلبية في قطاع التكنولوجيا والابتكار على نطاق أوسع، نظرا إلى تعاونه مع نحو نصف جميع شركات رأس المال المخاطر/الاستثماري في مجال التكنولوجيا وعلوم الحياة في الولايات المتحدة. وعند هذه النقطة، قد يكون الضرر أشد وطأة، ولا سيما في وقت يشعر فيه قطاع التكنولوجيا بتداعيات ارتفاع أسعار الفائدة. وحذر جيريمي هانت وزير الخزانة البريطاني، بالفعل، من أن انهيار بنك وادي السيليكون يشكل خطرا جسيما على شركات التكنولوجيا وعلوم الحياة، وتستعد المملكة المتحدة الآن لتقديم الدعم النقدي اللازم إلى هذا القطاع.
في الولايات المتحدة، أصرت جانيت إل. يلين وزيرة الخزانة، منذ فترة طويلة، على أنه بعد 2008، يجب ألا يكون هناك مزيد من عمليات الإنقاذ للمستثمرين والمالكين. لكن إنقاذ الودائع التجارية غير المؤمن عليها لمنع تعطل خدمات الرواتب أمر مختلف. وبطبيعة الحال، حتى لو كان إنقاذها أمرا يستحق العناء، فإنه ينطوي على مخاطر معنوية. وصرح الرئيس جو بايدن، بأنه سيتم القيام "بكل ما يلزم" لقمع الاضطرابات المنتظمة. كما يشير ذلك إلى توتر أعمق في إدارة السياسة النقدية. تتمثل مهمة البنوك المركزية في إبقاء التضخم تحت السيطرة والحفاظ على الاستقرار المالي. ومن خلال السعي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل غير مسبوق في غضون هذه الفترة الزمنية القصيرة، ربما يكونون قد استبدلوا أمرا حتميا بآخر. ستؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى إبطاء الاقتصاد، لكنها تزيد أيضا من أعباء الديون وتؤدي إلى مزيد من إخفاقات الأعمال التجارية، التي بدورها ستؤثر في قدرة المقرضين على سداد ديونهم.
إضافة إلى هذا التأثير غير المباشر، تشير حالة بنك وادي السيليكون إلى تأثير مباشر. فقد أدت الزيادة في أسعار الفائدة إلى تحفيز خسائر التقييم في محافظ السندات، ما أدى إلى ظهور هشاشة مالية جديدة. إذا اضطر مزيد من البنوك إلى تصفية محافظها الاستثمارية، فستتكبد خسائر فادحة ـ وكذلك البنوك المركزية إذا قامت ببيع أسهمها من الأوراق المالية قبل حلول موعد استحقاقها في خضم عملية التشديد الكمي.
كما يعلم كل سائق، فإن الفرملة بقوة في منتصف المنعطف أمر خطير. لكن يبدو أن هذا ما قررت البنوك المركزية القيام به. إن خطر وقوع حادث آخر في الازدياد. على الأقل لدينا وسائد هوائية أفضل في الوقت الحاضر.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي