FINANCIAL TIMES

بوب إيجر عالق .. مستقبل أعمال "ديزني" تحت النظر

بوب إيجر عالق .. مستقبل أعمال "ديزني" تحت النظر

منذ بدء الولاية الثانية لبوب إيجر بصفته رئيسا تنفيذيا لشركة ديزني في تشرين الثاني (نوفمبر)، قدم له بعض أبرز المديرين التنفيذيين في الإعلام في أمريكا نصائح حول كيفية تحسين أداء أكبر مجموعة ترفيهية في العالم.
سيطر موضوع واحد على تلك المحادثات: ماذا ستفعل بمنصة هولو، خدمة البث عبر الإنترنت الشهيرة، لكن المعقدة التي تمتلك "ديزني" فيها حصة الأغلبية.
كانت نصيحة المديرين التنفيذيين هي بيع المنصة، وفق ما قاله أشخاص مطلعون على المحادثات، كما اقترح آخرون أيضا أن يفصل إيجر شبكة إي إس بي إن الرياضية عنها، جزء مربح ولكن يشهد تدهورا من مملكة "ديزني".
أما الشائعات التي تحيط بخدمة البث المباشر وشبكة الأخبار الرياضية، وهي أصول يحتمل أن تبلغ قيمتها 40 مليار دولار، فتمس جوهر سؤال أكبر: مع دخول هوليوود مرحلة أكثر نضجا في عصر البث عبر الإنترنت، أي نوع من الشركات يجب أن تكون عليه ديزني؟
عاد إيجر - الذي استقال من منصب الرئيس التنفيذي في 2020 قبل أسابيع من تفشي جائحة فيروس كورونا في الولايات المتحدة - إلى حقبة أكثر كآبة في هوليوود. كان لارتفاع أسعار الفائدة تأثير قوي على طفرة البث عبر الإنترنت. كما ضعف الاستثمار الطموح جراء استئناف التركيز على الربحية وضبط التكاليف.
تكثر التكهنات الآن حول ما إذا كان إيجر، الذي وضع تعريفا لشركة "ديزني" العصرية من خلال عقد الصفقات، سيسعى إلى صفقة كبيرة أخرى لترسيخ إرثه. سيؤدي بيع "هولو" أو "إي إس بي إن" أو كليهما إلى تقليل حجم "ديزني"، الأمر الذي سيضع تركيزا أكبر على علاماتها التجارية الممتازة المناسبة للمشاهدة العائلية مثل مارفل وستار وارز.
قال ريتش جرينفيلد، الشريك في مجموعة لايتشيد للأبحاث، إن الدلائل تشير إلى تراجع "ديزني" إلى جذورها، كما "يبدو أن شيئا ما على وشك الحدوث".
حدد هيكل ملكية "هولو" وقتا لاتخاذ القرار. تمتلك "ديزني" ثلثي الشركة إلى جانب شركة كومكاست المنافسة التي تمتلك ما تبقى، واتفقت الشركتان في 2019 على أنه يمكن لأي من الطرفين فرض صفقة بدءا من كانون الثاني (يناير) 2024. تستطيع كومكاست "بيع" الحصة لـ "ديزني"، أو يمكن لديزني "شراء" الحصة من كومكاست.
مع هذا التاريخ الذي لم يتبق عليه سوى عشرة أشهر، قال إيجر للمستثمرين الخميس إنه "يدرس" منصة هولو "بدقة".
"البيئة في الوقت الحالي صعبة للغاية. قبل أن نتخذ أي قرارات كبرى بشأن مستوى استثمارنا، والتزامنا تجاه ذلك العمل التجاري، نريد أن نفهم إلى أين يمكن أن يتجه"، كما قال إيجر في مؤتمر.
حاول بوب تشابيك - الذي خلف إيجر في 2020 ولكن أقيل في نوفمبر - توسيع نطاق "ديزني بلس" بقوة، طامحا بتحقيق هدف 260 مليون مشترك بحلول 2024، أي 100 مليون مشترك أكثر من اليوم.
لكن إيجر ابتعد عن تلك الاستراتيجية، مستعيضا بالحديث عن الحاجة إلى مزيد من التركيز. قال الأسبوع الماضي: "نظرا لأن منصات البث تتطلب حجما كبيرا، يتعين علينا أن نتساءل عما إذا كان هذا هو الاتجاه الصحيح الذي ينبغي أن نسير عليه، أو هل نستطيع أن نكون أكثر تنسيقا".
مع انتهاء حقبة "المال السهل"، تواجه شركات الإعلام الكبرى معضلة مؤلمة: وهي كيف تتعامل مع انهيار أعمال تلفزيون الكابل التي كانت مربحة في السابق بينما تنتظر أن تصبح وحدات البث الخاصة بها مربحة.
قال رئيس تنفيذي لإحدى شركات الترفيه المنافسة: "إن إيجر عالق"، مشيرا إلى ديون "ديزني" البالغة 48 مليار دولار. "تعد هولو خدمة رائعة، ولكنها محلية فقط كما أن سوق الولايات المتحدة مزدحمة للغاية".
إن الأصل الرئيس من شبكات التلفزيون التقليدية الذي تملكه "ديزني" هو "إي إس بي إن"، والتي تستمر في تحقيق إيرادات سنوية تزيد على عشرة مليارات دولار، لكن أعداد المشتركين فيها آخذ في الانخفاض بسبب إلغاء الناس باقاتهم في تلفزيون الكابل.
تضاءل عدد المشتركين في خدمة إي إس بي إن بالكابل من 98 مليونا في 2013 إلى أقل من 74 مليونا في العام الماضي، وفقا لتقديرات "ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتيليجانس". حصدت خدمة إي إس بي إن بلس للبث عبر الإنترنت 25 مليون مشترك، حيث تم إطلاقها إلى جانب "ديزني بلس" في 2019، لكنهم يدفعون جزءا يسيرا مما تكسبه "إي إس بي إن" من مشتركي تلفزيون الكابل.
في أواخر 2021، اجتمع المسؤولون التنفيذيون في "ديزني" مع مايكل روبين، رئيس شركة فاناتيكس الرياضية، لمناقشة خيارات "إي إس بي إن"، بما في ذلك احتمال الاستثمار أو احتمال البيع، وفقا لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر. في حين أن المحادثات لم تتطور بعد الاجتماع، فإنها تفصح عن حالة عدم اليقين التي تلف مستقبل الشبكة الرياضية.
بينما أعلن إيجر أنه منفتح على سيناريوهات مختلفة بخصوص "هولو"، فإنه كان أقل غموضا بشأن "إي إس بي إن"، التي يعدها أحد الأصول "المميزة".
قال إيجر الشهر الماضي، مشيرا إلى تراجع التلفزيون التقليدي: "إن الشبكة تمر بأوقات صعبة بشكل واضح. علينا فقط معرفة كيفية تحقيق الدخل منها في عالم تملؤه العراقيل (...) نحن لا نشارك في الوقت الحالي في أي محادثات أو نفكر في فصل إي إس بي إن".
كان تشابيك أيضا يميل نحو التمسك بشبكة إي إس بي إن، وفقا لشخص مقرب منه. كما تساءل ذات الشخص قائلا، "لكن إي إس بي إن أصل آخذ في التراجع، ولدى ديزني ميزانية عمومية قوية، هل يمكنك الاستثمار في إي إس بي إن؟ وهل يمكنك أيضا شراء الثلث الذي لا تملكه من هولو؟ هل يمكنك أن تقوم بكل هذه الأمور؟ في الوقت الذي تخاطبك فيه السوق: يا هذا، لا أريدك أن تخسر المال".
تم تأسيس "هولو" في 2007 كمشروع مشترك بين الشركتين الإعلاميتين اللتين أرادتا مكافحة القرصنة عبر الإنترنت من خلال إنشاء منصة رقمية شرعية لبث برامجها.
وبصفتها المنصة، التي تعرض عليها مسلسلات لاقت استحسانا كبيرا مثل "ذا هاندميدز تيل" و"ذا بير" و"أونلي ميردرز إن ذا بيلدينج"، فقد حصدت 48 مليون مشترك - وهو رقم مساو تقريبا لقناة إتش بي أوه، ولكنه أقل من منصة نتفليكس، التي لديها 74 مليون مشترك في الولايات المتحدة وكندا.
على الرغم من هذا النجاح، تعرضت "هولو" للإعاقات طوال تاريخها بسبب هيكل ملكيتها المعقد وإحجام الشركات الإعلامية القديمة عن إحداث تغيير جوهري في وحدات التلفزيون التقليدية الخاصة بها - وفي هذا تأكيد على الطبيعة الفوضوية لتحول هوليوود إلى البث عبر الإنترنت.
منذ أكثر من عقد، كان جيسون كيلار، الرئيس التنفيذي لـ "هولو" آنذاك، يحاول توسيع الخدمة عالميا، لكنه واجه مقاومة في أوساط المالكين القدامى، نظرا لأن "نتفليكس" سارعت للدخول إلى بلدان حول العالم، حيث اشترك فيها مئات الملايين من الأشخاص، تقتصر خدمات "هولو" على الولايات المتحدة.
في أواخر 2019، قدم المسؤولون التنفيذيون في "هولو" عرضا للاستثمار بقيمة ستة مليارات دولار لإطلاق الخدمة على مستوى العالم. كان إيجر في البداية متجاوبا، قائلا إنه سيطرح الفكرة خلال اجتماع مجلس إدارة "ديزني" في يناير 2020، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر. لكنه غير رأيه، وخلص إلى أن هذه الخطوة سابقة لأوانها، كما قال المطلعون، وبعد شهر أعلن أنه سيتنحى عن منصبه.
كما قال أحد كبار التنفيذيين السابقين في "ديزني" إنه عندما ضربت الجائحة، وأثرت على المتنزه الترفيهي وأعمال السينما التابعين للشركة، مات ما تبقى من فكرة التوسع الكبير لـ "هولو" دوليا. "دون التوسع عالميا، فالأمر لا يستحق العناء. لذا تخلص منها الآن"، كما قال.
في الولايات المتحدة، تستمر "هولو" بالعمل كخدمة منفصلة لـ "ديزني" وتعد منصة برامج أكثر إثارة، أما خارجها، أنشأت ديزني خدمة ترفيهية عامة عبر علامتها التجارية "ستار".
أخبر إيجر قناة سي إن بي سي الشهر الماضي أن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، فيما يتعلق بمستقبل "هولو"، مشيرا إلى أنه "قلق" بشأن المحتوى "غير المميز".
ووفقا لموظفين، لم تلق تعليقاته قبولا داخليا في "هولو". قال أحد المديرين التنفيذيين: "لقد كانت إساءة. الخلاصة هي أنه سيبيعها".
كما قال موظف سابق في "هولو" إن "ديزني ابتلعتها"، مع مغادرة كثير من موظفيها الأصليين بعد استحواذ "ديزني" عليها. أضاف "من الصعب أن تفهم أنك لست بحاجة إلى خدمة اشتراك مربحة قيمتها 50 مليونا في عالم اليوم".
حتى وقت قريب، كان الافتراض في هوليوود وفي "وول ستريت" هو أن "ديزني" ستشتري حصة "كومكاست " في "هولو" العام المقبل، لكن التعليقات الأخيرة التي أدلت بها الشركتان تشير إلى أن الأمر قد يكون العكس.
قال الرئيس التنفيذي لـ "كومكاست"، بريان روبرتس، في أيلول (سبتمبر) الماضي، إنه سيكون مهتما بشراء "هولو" بالكامل، واصفا إياها بأنها "شركة استثنائية".
"لو كانت معروضة للبيع، فستكون كومكاست مهتمة - وأعتقد أن آخرين سيرغبون أيضا في استغلال هذه الفرصة"، كما قال.
لدى "كومكاست" خدمة بث خاصة، بيكوك، ولديها نحو 20 مليون مشترك يدفعون اشتراكات. وقد يؤدي شراء "هولو" إلى تحويل "كومكاست" من تمثيل دور صغير في حروب البث المباشر إلى رائدة فيها.
لكن لهذا تكلفة باهظة، حيث اتفق الجانبان في السابق على حد أدنى مضمون لتقييم "هولو" قدره 27.5 مليار دولار، ما سيجعل أيا من الشركتين تدفع كثيرا في بيئة اليوم.
قال إيجر الأسبوع الماضي: "علينا أن نكون أكثر حكمة ليس فقط من حيث مقدار ما ننفقه، بل على ماذا ننفقه. إنها فترة صعبة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES