Author

تميز الأداء الاقتصادي والمالي خلال 2022

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية

وطد الأداء الاقتصادي والمالي اللافت خلال 2022 أرضية متينة للاقتصاد الوطني، ترجمت من جانب أول الامتيازات المهمة التي تحققت محليا نتيجة للإصلاحات الجذرية والواسعة تحت مظلة رؤية المملكة 2030، ومنحته جزءا كبيرا من المتانة والمناعة تجاه التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي من جانب آخر، ودفعت به إلى خطوط متقدمة مقارنة ببقية الاقتصادات والأسواق على مستوى اقتناص الفرص الاستثمارية محليا وخارجيا، قاد ويقود زمامها صندوق الاستثمارات العامة عبر برامجه الطموحة والعديدة، سواء في المجالات المحلية الواعدة بالشراكة مع القطاع الخاص. في مقدمة تلك البرامج برنامج "شريك" الذي افتتح أول حزمة من مشاريعه العملاقة محليا خلال الشهر الجاري، بقيمة إجمالية وصلت إلى نحو 192.4 مليار ريال، تضمنت 12 مشروعا سيتم تنفيذها من قبل ثماني شركات، توزعت على عدد من أبرز القطاعات الاستراتيجية والحيوية "الطاقة، البتروكيماويات، الاتصالات، النقل والخدمات اللوجستية". أو على مستوى الأسواق العالمية التي توافرت أمامه، ونتيجة للمزايا العديدة التي أصبح يتمتع بها الاقتصاد الوطني والصندوق على حد سواء في الأسواق الخارجية، يتسابق كثير من الشركات العالمية العملاقة إلى إتمام الشراكات والاتفاقيات الاستثمارية طويلة الأجل مع الصندوق.
وبالنظر إلى مؤشرات الأداء الاقتصادي والمالي خلال 2022، فقد تجاوز الاقتصاد الوطني العام الماضي بمعدلات أداء قياسية لافتة على المستويات كافة، حيث سجل أعلى معدل نمو حقيقي منذ 2011 بـ8.7 في المائة، مقارنة بنموه الحقيقي خلال 2021 البالغ 3.9 في المائة، مدفوعا بدرجة أكبر من نمو القطاع النفطي بالأسعار الحقيقية بنحو 15.3 في المائة "الأعلى منذ 2003"، إضافة إلى النمو الجيد للقطاع غير النفطي للعام نفسه بنحو 4.8 في المائة، استقى زخمه الأكبر من النمو الحقيقي للقطاع الخاص بنحو 5.3 في المائة.
وبالنظر إلى ما تحقق من نمو حقيقي قياسي خلال 2022 على مستوى الأنشطة الرئيسة للاقتصاد، فقد احتل نشاط الصناعة المرتبة الأولى في النمو بـ12.8 في المائة "1.8 في المائة خلال 2021"، الذي شكل 53.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي "بلغ نمو النشاط باستثناء النفط نحو 6.3 في المائة"، تلاه نشاط الزراعة بمعدل نمو حقيقي بلغ 3.9 في المائة "2.6 في المائة خلال 2021"، وشكل نحو 2.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأخيرا نشاط الخدمات بمعدل نمو حقيقي بلغ 3.7 في المائة "5.7 في المائة خلال 2021"، وشكل نحو 40.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتزامنت مؤشرات الأداء الاقتصادي القياسية أعلاه مع أداء لافت للمالية العامة للبلاد، حيث سجلت الميزانية العامة بأرقامها الفعلية خلال 2022، ارتفاعا في إجمالي الإيرادات الحكومية بنسبة بلغت 31.3 في المائة "1.3 تريليون ريال"، مدفوعة بنمو الإيرادات النفطية الذي بلغ 52.5 في المائة "857.3 مليار ريال"، وشكلت نحو 67.6 في المائة من إجمالي الإيرادات العامة، كما سجلت الإيرادات غير النفطية نموا للعام الـ12 على التوالي بـ1.9 في المائة "410.9 مليار ريال"، وشكلت نحو 32.4 في المائة من إجمالي الإيرادات العامة.
في المقابل، ارتفع إجمالي المصروفات العامة 12.1 في المائة "1.2 تريليون ريال"، توزعت بين مصروفات جارية نمت 10.8 في المائة "1.0 تريليون ريال"، ومصروفات رأسمالية نمت 22.4 في المائة "143.5 مليار ريال"، ويعزى النمو في إجمالي المصروفات إلى تنامي الإنفاق على الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والمقيمين، وتطوير البنية التحتية، وتحسين برامج الحماية الاجتماعية، وبرامج تحقيق الرؤية الأخرى، مثل جودة الحياة، خدمة ضيوف الرحمن، برنامج تنمية القدرات البشرية والابتعاث، والمشاريع والمبادرات الكبرى، مثل السعودية الخضراء، إضافة إلى احتواء المملكة التحديات الاقتصادية التي شهدها العالم بالسيطرة على مستويات التضخم "بلغ 2.5 في المائة خلال 2022"، وتعويض التأخر في تنفيذ بعض المشاريع الاستراتيجية والرأسمالية التي تأثرت بجائحة كوفيد - 19، وأثمر هذا الدعم السخي عن تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وتوفير فرص توظيف أكبر "سجل نمو وظائف المواطنين في القطاع الخاص 13.0 في المائة خلال 2022"، وتراجع معدل البطالة من 11.0 في المائة في نهاية 2021 إلى 9.9 في المائة بنهاية الربع الثالث من 2022. كما أسهم هذا الدعم في رفع مستوى الخدمات الأساسية والاجتماعية للمواطنين والمقيمين والزائرين، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتنمية المحتوى المحلي والصناعة المحلية، وتحسين ميزان المدفوعات، وفي الوقت نفسه تعزيز الموقف المالي القوي للمملكة.
أفضت التطورات الإيجابية للميزانية العامة خلال العام الماضي، إلى تحقيق أول فائض مالي لها منذ 2013، وصل مع نهاية العام المالي إلى نحو 103.9 مليار ريال "شكل نحو 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي"، كدليل واضح على نجاح السياسات المالية للحكومة، وجهودها في المحافظة على الاستقرار المالي وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، كما سيتم توجيه الفائض المالي المتحقق نحو تعزيز الاحتياطيات الحكومية، ودعم الصناديق قبل نهاية الربع الأول من العام الجاري. ووصل إجمالي الدين العام بنهاية 2022 إلى 990.1 مليار ريال "شكل نحو 23.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي"، شهدت مكوناته ارتفاعا في بند الدين المحلي بـ10.1 في المائة إلى نحو 615 مليار ريال، مقابل تراجع الدين الخارجي 1.1 في المائة إلى 375.1 مليار ريال.
أكدت النتائج الجيدة للميزانية العامة خلال 2022، استمرار التحسن القوي لأغلبية الأنشطة الاقتصادية، نتيجة مواصلة مسيرة الإصلاحات التي تنفذها الحكومة وفقا لرؤية المملكة 2030، إضافة إلى تبني سياسات مالية تستهدف وتسهم في المحافظة على الاستدامة المالية، وتطوير إدارة المالية العامة، ورفع جودة التخطيط المالي لتعزيز النمو الاقتصادي، وتحقيقا للاستخدام الأكثر كفاءة للموارد.

إنشرها