النظرة الغذائية لرمضان الكريم تتغير، بالطبع لا يزال هناك من يحتفظ بالعادات الشرائية نفسها، ومكونات المائدة ذاتها من باب الاعتياد لفترة طويلة، لكن يبدو لي أن هذه العادات تقل مع الزمن ولا تزيد.

خلال الأعوام القليلة الماضية تضاعفت أعداد المرأة العاملة بنسبة كبيرة ولله الحمد، ولا بد أن هذه التغيرات تلقي بظلالها على شؤون الأسرة المالية، وبالطبع على عاداتها وأسلوب معيشتها بما في ذلك غذاؤها.

السيدات المستنفرات قبل وخلال الشهر الكريم من الظهر حتى المغرب، ثم من قبل السحور حتى صلاة الفجر، يقل عددهن عاما بعد عام، وهذا في رأيي مؤشر جيد على ازدياد الوعي المالي والغذائي نسبيا، ويظهر أكثر على الأزواج الجدد.

الصورة النمطية للمائدة في رمضان تتغير، ولعلها تتطور، فهناك شرائح ليست قليلة في المجتمع لها أنظمة غذائية أفرزتها الحياة العملية التي لم تعد حكرا على الرجال، فازدياد فرص عمل النساء قلل من أوقاتهن، وبعض من يفكر بطريقة عملية يدرك أن الوقت المصروف في المطبخ لم يعد له التأثير نفسه في الأسرة الحديثة.

من هو في منتصف العمر يتذكر أن المقاهي وبعض المطاعم يكاد يصيبها الكساد في رمضان، اليوم بين صلاتي المغرب والعشاء في رمضان هناك مقاه تزدحم بمحبي القهوة، وهناك نوعيات مطاعم ووجبات تسجل حضورا لدى المراهقين والشباب لا تتأثر كثيرا في رمضان.

التغيير التدريجي في النظرة الغذائية لرمضان له أيضا علاقة بتركيبة العلاقة العملية بين الرجل والمرأة، وتوزع مسؤوليات العمل والرعاية وجني المال والصرف والادخار، وبالتأكيد التسوق، حيث تتغير الأصناف شيئا فشيئا. في الحقيقة هي لا تتغير إنما تقترب من الأصناف المعتادة في غير رمضان.

على رب الأسرة الكبيرة أو المكونة من أزواج في منتصف العمر وأكبر أن يفكر في ذلك هذه الأيام، لأنه يحس في داخله بمسؤولية توفير كل قائمة رمضان، بينما القائمة تتقلص شيئا فشيئا في ذهنية أجيال جديدة من الأبناء والبنات أصبح لهم نمط معيشة يناسب نمط الحياة العملية والإنتاجية الذي تحسن كثيرا في السعودية، وازدادت فيه التنافسية وإدراك أهمية الوقت، وربما أيضا أهمية المال، وهذه الأخيرة فيها أقوال كثيرة، حيث يمكن أن تكون الأهمية لديهم في أشياء تراها أنت غير مهمة، لكنه واقعهم الذي يجب أن تحترمه بعد تأمله قليلا.

أحب أن أتأقلم مع هكذا تطورات، وأحب أن أتمنى أن ذلك سيعظم من روحانية الشهر أكثر ويزيد فرص التأمل في معانيه ودروسه.