FINANCIAL TIMES

تكنولوجيا المراقبة لا تردع الجريمة .. بل تسرق راحة البال

تكنولوجيا المراقبة لا تردع الجريمة .. بل تسرق راحة البال

في الصباح الذي تلا وفاة والدي، تصفحت الإنترنت وطلبت لأمي كاميرا جرس الباب من شركة رينج التابعة لـ"أمازون".
في حال التشوش التي تعقب الفقد بدت فكرة معقولة. اعتقدت أنها كانت طريقة عملية للحفاظ على سلامتها.
بالنظر إلى الوراء، في الواقع لم يكن هذا القرار منطقيا تماما. تعيش والدتي في شارع هادئ في بلدة صغيرة على حافة نيو فورست. تطبع الصحيفة المحلية صورا للمهور البرية وأخبارا عن إغلاق ممرات المشاة. اشترى والداي كاميرا تعمل عند الحركة ذات مرة، لكن لأنهما أرادا مشاهدة القنافذ وهي تمشي في الحديقة فقط.
الذعر هو الذي جعلني أرغب في تركيب كاميرا تدعم "واي فاي" على بابها الأمامي. يبدو أنها ظاهرة معدية.
هذا العام، من المتوقع أن تتجاوز المبيعات العالمية لتكنولوجيا أمن المنازل الذكية مليار دولار، وفقا لشركة ستراتيجي أناليتكس. كان على الذين عينوا أنفسهم خبراء في الأخلاق الحديثة أن يؤلفوا قواعد آداب حول توجيه الكاميرات نحو منزل أحد الجيران. مع ذلك، لا توجد بيانات تثبت أن هذه الأجهزة تردع الجريمة. ما أوجدته تكنولوجيا المراقبة، حدودا أكثر ضبابية حول البيانات الشخصية. نحن الذين نشتري جرس الباب من "رينج" نتطوع للمساعدة على بناء خريطة عالمية للتسجيلات. ربما نوافق أيضا بغير قصد على تسليم معلومات خاصة أكثر مما ندرك.
في الولايات المتحدة، وقعت "رينج" شراكات مع مئات من قوات الشرطة، ما أتاح لهم الوصول إلى لقطات الفيديو. ذكرت صحيفة "بوليتيكو" أن قاضيا أمريكيا منح الشرطة أخيرا إمكانية مشاهدة لقطات كاميرا أحد عملاء "رينج"، بما فيها مقاطع فيديو التقطت داخل منزله، لأنهم كانوا يحققون مع جاره.
في المملكة المتحدة، قالت شرطة العاصمة إنهم عملوا "بصورة غير رسمية" مع "رينج".
تقول "رينج": إن منتجاتها مصممة بغرض الأمان وليس المراقبة. لكن الخصوصية تعد ثمنا باهظا إذا كانت تكنولوجيا الأمان لا تجعل العالم أكثر أمانا.
وبالمثل راحة البال. ما كان يجدر بي تذكره قبل شراء الكاميرا هو مدى إثارة تكنولوجيا المراقبة للأعصاب ومدى سرعتها في مضاعفة شعور عدم الأمان.
قبل بضعة أشهر، حملت تطبيقا لتتبع الجريمة في الوقت الفعلي يسمى "سيتيزن". الشركة التي أنشأته تسميه شبكة أمان شخصية. هو نوعا ما مثل "تويتر" إن كان "تويتر" يركز على مجتمع محلي صغير ويركز فقط على الأخبار السيئة. يتلقى المستخدمون تنبيهات سلامة عن حوادث في مواقعهم ويمكنهم إرسال تقارير عن الأشياء التي يشهدونها.
في غضون ثوان، رأيت تقارير عن رجل يحمل سكينا على بعد بضعة شوارع. في الأيام الأخيرة كان هناك أيضا حادث سيارة، وحريق، وشجار. المنظر الحقيقي خارج نافذتي لشارع سان فرانسيسكو الهادئ والمشمس تبدد، وحل مكانه قائمة رقمية من التهديدات المحتملة. استخدام "سيتيزن" جعل سان فرانسيسكو تبدو مشؤومة أكثر. صحيح أن الجريمة منخفضة المستوى شائعة في جميع أنحاء المدينة. تتم سرقة السيارات وقطع إطاراتها في كثير من الأحيان، لدرجة أن معظم الذين أعرفهم لا يكلفون أنفسهم عناء شراء سيارة ما لم يتمكنوا من ركنها داخل مرآب. لكن فرص الوقوع ضحية لجرائم العنف فيها أقل من مدن أمريكية كبيرة أخرى. وتميل الجرائم أيضا إلى التركز في أحياء معينة، مثل تندرلاين.
لكن بمجرد جمع كل حادثة عنف تم الإبلاغ عنها في مكان واحد، يبدو التهديد أكبر بكثير. قد يكون سجل النشاط الإجرامي المحدث مفيدا إذا كنت جديدا في منطقة ما. قد تستخدمه شركات تفكر في مواقع ما وملاك منازل مهتمين بالانتقال للحصول على معلومات معينة. لكنه قد يسهل أيضا الشعور بالذعر وتوجيه اتهامات غير مبررة.
ذكرت "فاينانشيال تايمز" الشهر الماضي، أن شركة سيكويا كابيتال، أحد أوائل المستثمرين في "سيتيزن"، استقالت من مجلس الإدارة ولن تشارك في جولة جمع أموال. يأتي ذلك في أعقاب حادثة عرضت فيها "سيتيزن" مكافأة من أجل معلومات للقبض على رجل، تبين أن رئيسه التنفيذي اشتبه به ظلما في إشعال حريق هائل.
حاولت "سيتيزن" إضافة بعض الأدوات التي تبعث الارتياح على النفس. تتيح للمستخدمين معرفة متى تم العثور على الأطفال المفقودين، مثلا. لكنها ليست مدرة للمال. الحماية هي المجال الذي تكمن فيه الإيرادات.
اقض نصف ساعة على التطبيق في الاطلاع على تقارير السكان المحليين الذين يستخدمون السكاكين وربما سترغب أيضا في البدء في الدفع مقابل خدمات أمنية خاصة. مثل "رينج"، لدى "سيتيزن" خطة اشتراك شهرية. مقابل 19.99 دولارا شهريا، يمكن للوكلاء تعقبك كلما شعرت بالخطر. بالطبع، إذا كنت بحاجة إلى مساعدة، فليس بيد الوكلاء شيء لفعله غير الاتصال برقم 911. وهو ما يمكنك فعله بنفسك.
الحماس الذي تم الترويج به لهذا الخيار كان العذر الذي احتجته لحذف التطبيق. شعرت بأنه يشجعني على القلق باستمرار. بدلا من السلامة، فقد روج للخدمات الأمنية الخاصة.
تقدم "رينج" أيضا خطة شهرية تتيح لك مشاهدة التسجيلات الملتقطة على باب منزلك.
حاليا، جرس باب "رينج" تمت إزالته أيضا، ووضعه بعيدا في أحد الإدراج. إذا تم تثبيته يوما ما، آمل أن يكون لرصد الحياة البرية فقط.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES