Author

مزيج الطاقة .. أمن للطاقة

|
مختص في شؤون الطاقة

الطاقة شريان الاقتصاد، ومحرك التنمية، وقلب التطور النابض. الجدير بالذكر أن النمو الاقتصادي لأي دولة يرتبط ارتباطا وثيقا بصناعاتها المختلفة، ولنمو القطاع الصناعي واستدامته يجب أن يرتكز هذا القطاع الحيوي والمهم على شرايين للطاقة مستقرة ومستدامة.

النمو السكاني والاقتصادي المتسارع يعني بالضرورة نمو الطلب على الطاقة، ويعني أيضا أن اختلال توازن منظومة الطاقة العالمية سيؤدي إلى تقويض هذا النمو الذي يبحث عنه الجميع، بل يحاربون من أجله.

مزيج الطاقة ضرورة ملحة للمحافظة على المصادر الناضبة منها، وللمحافظة على أمن الطاقة العالمي والمستقبل المحفوف بمخاطر شح الطاقة وانعكاساته غير المحمودة، بل الكارثية، لا قدر الله، حيث إن العلاقة بين مصادر الطاقة يجب النظر إليها نظرة شمولية على أنها علاقة تكاملية لا علاقة تفاضلية وتنافسية بحتة، كما ذكرت سابقا.
المتابع لقطاع الطاقة وصناع القرار فيه يلاحظ أن هناك توجها عالميا معلنا من بعض الدول، بل خططا تنفيذية على أرض الواقع للوصول إلى صافي صفر انبعاثات في مدد زمنية مختلفة، ويختلف الإطار الزمني لوصول هذه الدول إلى أهدافها بين دول وأخرى وفق عوامل كثيرة منها، الاقتصادي والسياسي وغيرهما، تتباين على أثرها الأدوات المتاحة لتنفيذ هذه الخطط.

المعادلة -في اعتقادي- التي تجمع لتحقيق الأهداف المرصودة فيما يخص الانبعاثات ومصادر الطاقة المختلفة، إضافة إلى قضايا المناخ المبالغ فيها من بعض الجهات، هي معادلة معقدة جدا ورحلة تحول الطاقة هي رحلة طويلة وشاقة، وطريقها طويل ليس محفوفا بالورود! الحل -في رأيي- أن يعي صناع القرار أن مزيج الطاقة الأمثل يصب بلا شك في صلب أمن الطاقة العالمي، وهذا يعني أن الأجدى هو التكامل واستغلال الموارد والعقول لرفع كفاءة استخراج واستهلاك جميع مصادر الطاقة دون استثناء، فالعالم متعطش للطاقة وسيبقى كذلك.

رحلة التحول لمصادر الطاقة النظيفة لا تعني -في اعتقادي- تهميش الوقود الأحفوري مطلقا، وهي رحلة يجب أن تكون رحلة جماعية وقافلة يجب أن تتسم بأعلى معايير الانسجام والموضوعية والنظرة الاستشرافية الواقعية.
السعودية سبقت الجميع في الوصول إلى المعادلة الفاعلة وخريطة الطريق المثلى للتحول، وذلك برفع كفاءة واستهلاك جميع مصادر الطاقة المتاحة بتوازن، وتعي أن رحلة تحول الطاقة ليست سباق سرعة قصير المدى، بل سباق تحمل طويل المدى وقوده الحكمة والموضوعية.

السعودية تعي أن مزيج الطاقة هو الحل الأمثل لاستدامة النمو الاقتصادي العالمي والمحلي، وتعي أن العلاقة بين مصادر الطاقة المختلفة ليست علاقة صفرية يجب فيها أن يلغي أو يهمش أحد مصادر الطاقة أهمية المصادر الأخرى! أعلنت السعودية خطتها للوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول 2050، ورسمت وزارة الطاقة خريطة طريق عملية وموضوعية لتحقيق ذلك، ومن أهم ملامح هذه الخريطة توليد نحو 12 جيجاواط سنويا من الطاقة المتجددة بحلول 2030، وإنتاج ما يقارب 11 مليون طن من الأمونيا الزرقاء سنويا بحلول 2030 كذلك.

تهدف كذلك إلى خفض استخدام الكربون في إنتاج النفط والغاز 15 في المائة، دون تقويض صناعته، كما ينادي البعض! أكرر أن العلاقة بين مصادر الطاقة يجب أن تكون علاقة تكاملية لا صفرية، وعنوان المرحلة هو رفع كفاءة استخراج واستهلاك جميع مصادر الطاقة حفظا لأمن الطاقة العالمي.

إنشرها