Author

أصداء قانون 18C

|

تؤكد دراسات اجتماعية أن سلوك المستخدمين لقراءة الأخبار أكثر عبر شبكات التواصل الاجتماعية والخدمات الإخبارية التي تقدمها محركات البحث، والأقل يقرأون بقية القصة من مصدرها الأساسي، وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها، بيد أن شركات الإنترنت الكبرى وجدتها فرصة للتعاون مع وسائل الإعلام، لكنها صممت صفحات الأخبار بطريقة تجعل القارئ يكتفي بالنظرة الأولى الخاطفة صورة وبضعة أسطر، دون الانتقال إلى المصدر، وبهذا ستطير كعكة المشاهدات إلى شركات الإنترنت فحسب.
هذا المشهد دفع جهات في أمريكا وبريطانيا وأوروبا وبعض دول آسيا، إلى مطالبة شركات التقنية بدفع الأموال للمؤسسات الإعلامية مقابل العمل الذي تقدمه، ونظير الجهد في توفير المعلومة موثقة بالشواهد والمصادر.
إن جثوم شركات التقنية على صدر وسائل الإعلام استنهض المشرعين في كندا، الأسبوع الماضي، لتطبيق قانون "18C" الذي يجبر شركات الإنترنت على دفع أموال لوسائل الإعلام، والتفاوض على صفقات مع ناشري الأخبار لدفع ثمن المحتوى. وقبل عام أصدرت أستراليا قانون "نيوز ميديا" بالهدف نفسه، فيما قرر تحالف وسائل الإعلام الإخبارية الأمريكية، أن "جوجل" تجاوز حدود "الاستخدام العادل" المعروف في مجال الملكية الفكرية. أما في فرنسا فقد غرمت هيئة مراقبة الاحتكار "جوجل" بنحو 593 مليون دولار.
شركات التقنية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه المواقف المتصاعدة، فواجهت تشريع كندا بوقف الأخبار عن 4 في المائة من المستخدمين، وفعلت "فيسبوك" كذلك في أستراليا بمنع المحتوى الإخباري عن مستخدميها. أما في بريطانيا، فالوضع مريح للشركات الإعلامية، حيث تدفع شركات التقنية مقابلا وتعويضات للناشرين.
النزاع بين أقطاب الإعلام القديم والحديث ليس بجديد، لكن اللافت هو كثرة حالات التصعيد الدولية، بهدف المحافظة على التنافسية في مجال الإعلام. وعلى الرغم من وجود استجابات سطحية، مثل خدمة News Showcase من "جوجل"، التي تتيح للناشرين وضع الروابط القصصية والتحكم في شكلها وتصميمها، أي أن تكون للمحرر حرية التصرف في تقديم القصة بالشكل الذي يريد، وتدفع "جوجل" مبالغ مالية لكل ناشر على حدة حسب الاتفاق معه، لكن على الرغم من هذه المواقف من الطرفين التقني والإعلامي إلا أن الوضع لا يزال قائما من دون وجود بلد عربي، وهي دعوة إلى المضي قدما لـ"تعليق الجرس"، وأن يكون للتشريعات السابقة صدى من أجل إصدار قوانين تحقق التنافسية فيما يعود بالنفع والفائدة على العمل الإعلامي.

إنشرها