Author

استقرار الطلب المحلي على الطاقة

|

يلبي النفط الخام والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي وسوائله طلب المملكة المحلي على الطاقة.

وتستهلك المملكة كامل إنتاجها من الغاز الطبيعي وكميات كبيرة من منتجاتها النفطية، وتستهلك أيضا بعض إنتاجها من سوائل الغاز وتصدر الباقي، كما تصدر معظم إنتاج نفطها الخام وتستهلك جزءا منه بشكل مباشر لتوليد الكهرباء.

وعموما تستهلك المملكة جزءا لا يستهان به من إنتاج طاقتها، حيث يتجاوز معدل الاستهلاك اليومي أربعة ملايين برميل نفط مكافئ. يلبي الغاز الطبيعي حاليا نحو 1.7 مليون برميل مكافئ يوميا من الطلب المحلي، بينما يأتي الباقي من النفط ومنتجاته.
تسارع الطلب المحلي على الطاقة في بداية عمليات التنمية، لكنه شهد خلال الفترة الماضية "منذ 2015" نوعا من الاستقرار، بل تراجع قليلا في بعض الأعوام. وارتفع الطلب المحلي على الغاز الطبيعي، بينما تراجع قليلا على النفط ومنتجاته خلال الفترة، ما أسهم في دعم استقرار الطلب الكلي على الطاقة.

جاء الاستقرار نتيجة عوامل عدة، من أبرزها: سياسات التحرير الجزئي لأسعار منتجات الطاقة، والتحولات التي شهدها الاقتصاد الوطني خلال الأعوام الماضية إلى القطاعات الخدمية، والأحداث الاقتصادية، ومن أبرزها أزمة كورونا.
يعد 2020 استثائيا بسبب الإغلاق الجزئي خلال العام لكثير من مرافق الاقتصاد.

وتوضح بيانات الطلب المحلي على النفط والمنتجات النفطية الشهرية في المملكة حدوث تراجع ملموس لحجمه خلال فترة الإغلاق، حيث انخفض إلى نحو مليوني برميل في نيسان (أبريل) 2020. عاود الاقتصاد الوطني إلى حد كبير نشاطه في 2021، وارتفع متوسط الطلب المحلي على النفط ومنتجاته، إلى نحو 2.54 مليون برميل يوميا.

بعد ذلك عاد التعافي الكامل من آثار أزمة كورونا في 2022، كما شهدت البلاد نموا اقتصاديا قويا "الأعلى في مجموعة العشرين"، ما قفز بالطلب المحلي على الطاقة. وصل معدل الطلب اليومي على النفط ومنتجاته في 2022، إلى 2.86 مليون برميل يوميا، حسب بيانات منتدى الطاقة العالمي. وعلى الرغم من الزيادة السنوية الكبيرة في الطلب على النفط ومنتجاته العام الماضي، إلا أن حجمه أقل مما كان عليه في 2015 البالغ 3.1 مليون برميل يوميا.
شهد استهلاك المنتجات النفطية تغيرات ملحوظة خلال الأعوام القليلة الماضية بسبب خفض دعم أسعارها.

وكانت أسعار البنزين الأكثر تغيرا، حيث تضاعفت من مستوياتها المتدنية السابقة بنحو أربعة أضعاف. ورغم أن زيادة الأسعار كانت مؤلمة للمستهلك إلا أنها نجحت في كبح نمو الطلب على البنزين، حيث تراجع من مستوياته المرتفعة البالغة نحو 600 ألف برميل يوميا في 2017 إلى نحو نصف مليون برميل يوميا العام الماضي، منخفضا 17 في المائة تقريبا.

وشهدت فترة الحجر الصحي في 2020 أدنى مستويات الطلب المحلي على البنزين، حيث تدنى في أبريل 2020 إلى نحو 231 ألف برميل يوميا.

في الجانب الآخر، بلغ الطلب أعلى معدلاته في كانون الأول (ديسمبر) 2017 حينما وصل إلى نحو 716 ألف برميل يوميا.
يحتل الديزل المركز الأول في الطلب المحلي على المنتجات النفطية، حيث يستهلك قطاعا توليد الكهرباء وتحلية المياه كميات كبيرة منه، إضافة إلى القطاعات الأخرى كالصناعة والمواصلات. وتحاول المملكة إحلال الغاز الطبيعي محل الديزل في توليد الكهرباء، ونجحت جزئيا لكن ما زال قطاع توليد الكهرباء يستهلك كثيرا منه.

وصل الطلب على الديزل في 2015، إلى نحو 780 ألف برميل يوميا. بعد ذلك تراجعت مستوياته حتى وصلت في 2020 إلى نحو 490 ألف برميل يوميا، ثم عاودت لاحقا النمو حتى بلغت نحو 570 ألف برميل يوميا العام الماضي. وجاء الانخفاض خلال الأعوام الماضية بالدرجة الأولى نتيجة لتعويض استهلاك الديزل في توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي وزيت الوقود، أما أسعار الديزل فما زالت مدعومة بقوة ولم تشهد إلا زيادات محدودة.

عودة النمو إلى استهلاك الديزل العام الماضي جاءت مدفوعة بالنمو الاقتصادي المرتفع، وتوسع أنشطة التنمية، وكذلك لإحلاله جزئيا في قطاع المواصلات، نظرا إلى انخفاض أسعاره مقارنة بالبنزين.
تؤثر عوامل متعددة في طلب النفط ومنتجاته، ومن أبرزها مستويات النشاط الاقتصادي وعدد السكان وأسعار منتجات النفط وبدائلها وتطور التقنية.

واجه النمو الاقتصادي للمملكة خلال الأعوام القليلة الماضية بعض التحديات بسبب تقلبات أسعار النفط وأزمة كورونا.

نما الناتج المحلي الإجمالي بمعدلات معقولة في 2017، 2018 لكنه تراجع العام التالي، ثم تعمق التراجع في 2020 إبان اشتداد أزمة كورونا.

أما في 2021 فقد تأثر جزئيا بالأزمة ونما بمعدل منخفض. بعد ذلك شهد 2022 تعافيا كاملا من الأزمة، وتحسنا في أسعار النفط ما رفع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 8.6 في المائة.

وظهر تأثير ذلك في الطلب المحلي للنفط ومشتقاته في 2022 الذي ارتفع 12.5 في المائة مقارنة بالعام السابق.

أما بالنسبة إلى رفع أسعار المنتجات النفطية فقد أثرت بشكل ملحوظ في الطلب المحلي في بدايتها، لكن عاد نمو الطلب عليها بعد ذلك.

من جانب آخر، فإن الزيادات السكانية ترفع وبشكل معروف الطلب على منتجات الطاقة، ومنها المنتجات النفطية، خصوصا إذا صاحبها نمو في معدل دخل الفرد.

إنشرها