FINANCIAL TIMES

المتشككون يتساءلون: ما العائد من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي؟

المتشككون يتساءلون: ما العائد من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي؟

يعتقد جوردون ريتر، مؤسس صندوق إيميرجنس كابيتال لرأس المال المغامر، أن التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي تمثل تقدما تكنولوجيا كبيرا، لكنه لا يرى كيف يمكن جني المال منها.
"لدى الجميع صورة حالمة عما يمكن أن يحدث"، كما قال ريتر، الذي كانت شركته ـ مقرها سان فرانسيسكو ـ من أوائل المستثمرين في الشركات الناشئة الناجحة مثل زووم. أضاف، "هناك تيار من الآراء التي تعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيفعل كل شيء. نحن نسير عكس ذلك التيار".
هذا الشك يعكس توترا بين شركات رأس المال المغامر، العالقة بين الحماس بشأن الذكاء الاصطناعي والركود التكنولوجي الأوسع الذي أدى إلى انخفاض الاستثمار في الشركات الناشئة على مدى العام الماضي.
لكن إطلاق أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل شات جي بي تي، من شركة أوبن إيه آي، القادرة على الإجابة عن أسئلة معقدة نصيا بلغة تبدو طبيعية، أسفر عن حماس جديد بشأن ظهور محتمل لمجموعة جديدة من الشركات المميزة في الصناعة.
كشفت فاينانشيال تايمز الأسبوع الماضي أن شركة أندريسين هورويتز قادت استثمارا بلغ 200 مليون دولار في "كاركتر.إيه آي"، وتم تقدير قيمة شركة روبوت الدردشة بمليار دولار. في غضون ذلك، تجري شركة إنفلكشن إيه آي الناشئة التي أسسها قبل عام مصطفى سليمان، الشريك المؤسس لشركة ديب مايند، وريد هوفمان، مؤسس ليكند إن، محادثات لجمع ما يصل إلى 675 مليون دولار ـ جمعت الشركة 225 مليون دولار العام الماضي.
في كانون الثاني (يناير)، أكدت مايكروسوفت "استثمارا بقيمة عدة مليارات" في أوبن إيه آي، الشركة التي صنعت شات جي بي تي. سابقا، قال أشخاص مطلعون على المحادثات إن أوبن إيه آي كانت تسعى للحصول على عشرة مليارات دولار من مايكروسوفت استنادا إلى تقييم يبلغ 29 مليار دولار.
لكن كثيرا من شركات رأس المال المغامر تعبر عن حذرها، لا يدفعها إلى تلك التقييمات الضخمة فحسب، بل القدر الهائل من رأس المال الذي تتطلبه مجموعات الذكاء الاصطناعي لبناء "نماذج الأساس" – أنظمة تعلم الآلة التي تتطلب كميات ضخمة من البيانات والقدرة الحاسوبية لتشغيلها.
بسبب القدر الهائل من رأس المال والموارد الحاسوبية المطلوبة، كانت القفزات الأخيرة في الذكاء الاصطناعي التوليدي تقارن بالهبوط على القمر، إنجاز تكنولوجي مثير للإعجاب بشكل كبير، لا يمكن لأحد تكراره إلا من لديه ثروة بمستوى دولة قومية.
قال مستثمر مخضرم "الشركات مبالغ فيها للغاية وفرضية الاستثمار المبررة الوحيدة هي الدخول مبكرا جدا (...) تشتري فقط لخوفك من أن يفوتك شيء".
صفقة مايكروسوفت مع أوبن إيه أي تضمن أن الشركة تستطيع الوصول إلى منصة عملاقة التكنولوجيا للحوسبة السحابية "أزور". في وقت سابق من هذا الشهر، دفعت جوجل نحو 300 مليون دولار مقابل حصة تبلغ 10 في المائة في أنثروبيك، في الوقت الذي كانت فيه شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة تشتري موارد حاسوبية كبيرة من قسم الحوسبة السحابية لشركة البحث.
يأتي الحماس للذكاء الاصطناعي أيضا بعد تضرر كثير من كبار المستثمرين، مثل سيكويا كابيتال، بعد ضخهم الأموال في مجموعات العملات المشفرة الناشئة ثم انخفاض قيم العملات المشفرة خلال العام الماضي.
وفقا لبيتش بوك، بين الربعين الأول والأخير من العام الماضي تقلصت قيمة الصفقات التي أبرمتها صناديق رأس المال المغامر الأمريكية من 81 مليار دولار إلى 41 مليارا. وانخفضت صفقات العملات المشفرة أكثر من 80 في المائة على مدى الفترة نفسها.
جذبت إمكانات الذكاء الاصطناعي أمثال سارة جو التي قادت قبل عام الاستثمار في قطاع العملات المشفرة لشركة رأس المال المغامر، جريلوك، بعد أن كانت أيضا مستثمرة في بورصة إف تي إكس للعملات المشفرة.
انهارت إف تي إكس منذ ذلك الحين، لكن جو جمعت أكثر من 100 مليون دولار للاستثمار في الذكاء الاصطناعي من خلال صندوقها الجديد "كونفيكشن". تجادل بأن الوقت الحالي هو الوقت المناسب للاستثمار وأن المنافسة على صفقات الذكاء الاصطناعي شرسة، لكنها تقر بأن "بعض التقييمات غير منطقية".
ولأن المستثمرين أصبح من الصعب عليهم تحمل الأسعار المرتفعة للشركات التي تبني نماذج الأساس، يبحث عديد منهم بدلا من ذلك عن التطبيقات التي سيتم بناؤها على هذه النماذج – تماما كما بنيت شركات ضخمة من تطبيقات الهواتف التي تعمل على الأجهزة المحمولة.
جعل ذلك بعضهم يتريثون حتى يشعروا بقدوم "تطبيق ناجح" له إمكانات تجارية واضحة. "إذا شبهنا شات جي بي تي بآيفون، فنحن نرى كثيرا من تطبيقات الآلة الحاسبة"، كما قالت كريستينا ميلاس-كيريازي، شريكة في باين كابيتال فينشرز، مضيفة "نحن نبحث عن أوبر".
ازدادت الضجة حول الذكاء الاصطناعي التوليدي مع تمكن المستهلكين من تجربة التكنولوجيا، والتحدث مع شات جي بي تي ليكتب خطابات، أو استخدام برامج تحويل النص إلى صورة، مثل دول-إي، لإنشاء رسومات خيالية.
مع زيادة عدد مستخدمي البرامج، ازداد شيوع الأخطاء والأجوبة غير المرغوبة أيضا. عدم الدقة ليس مقبولا في بعض القطاعات الحساسة مثل الصحة والدفاع، ما يعني أن تطبيقات التعطيل الجذري قد تكون بعيدة المنال.
قال يسرول برومر، مؤسس صندوق ريد سيل بارتنرز لرأس المال المغامر "يقع الذكاء الاصطناعي في أخطاء مثيرة للاهتمام لا يقع فيها البشر، لذا يجب عليك التفكير جيدا قبل استخدامه في مجال الدفاع. في أول مرة تدخل فيها في وضع قتالي سترى شيئا لم تره من قبل".
يحذر مستثمرون آخرون من أن أولئك الذين ينتقلون من صفقات العملات المشفرة إلى استثمارات الذكاء الاصطناعي ربما يستبدلون تكنولوجيا براقة مع قليل من التطبيقات التجارية بأخرى مثلها.
قال أحد مستثمري رأس المال المغامر الذي يراهن كثيرا على العملات المشفرة "في بعض الأحيان تنتقل الفقاعة من مكان إلى آخر، يجب أن تذهب الأموال إلى مكان ما. خلال دورات الضجيج الإعلامي هذه سيكون هناك كثير من الأشياء المبالغ فيها".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES