Author

الشقائق في يومهن

|
هذه قصة من الخيال الشعبي، ثلاثة رجال يقومون برحلة في الغابة، صادفهم نهر عظيم تبدو مياهه عنيفة الجريان، ولأنهم يحتاجون إلى الانتقال للضفة الأخرى، باشر الأول بالدعاء، يا رب أعطني القوة لأعبر النهر، فمنحه الرب ذراعا كبيرة وأرجلا قوية، فتمكن من العبور سباحة خلال ساعتين، وكاد أن يغرق مرتين خلالهما.
الرجل الثاني بعد أن شاهد ذلك دعا ربه، يا رب امنحني القوة والأدوات حتى أعبر النهر، فمنح ذراعين وأرجلا قوية، وقاربا يتسع لشخص واحد من تلك الخاصة بالتزلج النهري، فعبر خلال ساعة كاد أن ينقلب فيها ويغرق مرة واحدة.
الرجل الثالث بعد متابعة المشهد كان دعاؤه، يا رب أعطني القوة والأدوات والذكاء حتى أعبر، فكانت الاستجابة أن تم تحويله أو قلبه إلى امرأة، فقامت بتفحص خريطة الغابة، ومشت خلال الأشجار مسافة 100 ياردة، لتعبر النهر ماشية فوق الجسر الموجود هناك أصلا.
القصة قرأتها قديما بالإنجليزية، ومن الواضح أنها مختلقة، لكنها من قصص العلاقات الزوجية حيث جاء في ختامها، "يا جماعة إذا لم تنجح منذ البداية، فافعلها بالطريقة التي أخبرتك بها زوجتك" ثم تلى ذلك تهنئة بيوم المرأة العالمي الذي يبدو أن القصة ألفت بمناسبته.
اليوم يصادف "اليوم العالمي للمرأة"، ورغم اختلاف وجهات النظر حول تخصيص أيام بعينها للمرأة أو الرجل، للأم أو الأب، للطفل أو لأي فرد أو مهنة، إلا أن القرية الكونية الصغيرة تجعل المشاركة في هذه الأيام جزءا من انخراط الشعوب في أشياء مشتركة لعلها تذكرهم أنهم جميعا بشر ولعلها توقظ الحس الإنساني عند من فقده.
شهدنا في بلادنا تطورات كثيرة وكبيرة فيما يتعلق بتمكين المرأة الذي أصبح منظومة وليس قرارا أو اثنين، منظومة زادت إشراك المرأة في الفضاء العام، إنتاجا، وعملا، وحضورا، والحقيقة أن التجربة السعودية التي انبثقت من رحم رؤية 2030 اقتربت كثيرا وعميقا من مساواة المرأة بالرجل في أغلب الفرص العملية والعلمية، الاجتماعية والاقتصادية، ولعل من لديه بنات اليوم لم يعد يهجس أو يقلق عليهن بالقدر نفسه قبل أعوام.
أعتقد أن الباحثين في علوم الاجتماع أمام فرص تاريخية، خاصة أن إقصاء علم الاجتماع في شكله العلمي المحايد المعروف عالميا كان ضمن قائمة الإقصاءات المعروفة لدرجة قل معها تأثيره في دعم قضايا المجتمع التي احتلت المرأة رأس الهرم فيها، لكن من باب المخاوف وسد الذرائع وليس من باب النقاش وفتح الأبواب للمشاركة.
إنشرها