Author

تنمية المحافظات لمصلحة المدن الكبرى

|

يكثر الحديث حول تنمية المدن وتوفير الخدمات فيها، وفي مقدمتها الخدمات الطبية والتعليمية والأسواق والترفيه، لذا تلاحظ زيادة الازدحام على المستشفيات والجامعات والأسواق والطرق. ولو تم التنسيق بين الجهات المختصة لدعم تنمية المحافظات والمدن الصغيرة في كل المناطق، خاصة ما هو منها قريب من المدن الكبرى، لتم تحقيق تنمية مستدامة وخدمات أفضل لسكان المحافظات وتخفيف الضغط عن مرافق الخدمات في المدن الكبرى.
ويتوافق هذا التنسيق مع توجيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بأن تتسع عين التنمية لجميع المناطق. وتم تنفيذا لهذا التوجيه، إنشاء مكاتب استراتيجية لتطوير مناطق: عسير والباحة وجازان والجوف والحدود الشمالية، وتهدف هذه المكاتب إلى تعزيز واستدامة التنمية وتطوير الأعمال والخدمات والمشاريع في جميع المدن والمحافظات، خاصة الميزات النسبية التي يتميز بها كل منطقة في المجالات الزراعية والصناعية والخدمات اللوجستية والتراثية، والتركيز على المبادرات ذات البعد الاقتصادي التي تناسب إمكانات المنطقة. حتى لا يتحول المقال إلى الإشادة بالجوانب الاقتصادية والاستثمارية فقط، أقول إن الأهم هو توفير الخدمات الطبية والتعليمية والأسواق ومرافق الترفيه في المحافظات بهدف تخفيف الضغط عن المدن الكبرى.
ولعل حديث الأمير فيصل بن عبدالعزيز بن عياف أمين منطقة الرياض لإحدى القنوات التلفزيونية، أخيرا، أشار إلى ما تعانيه مدينة الرياض من ازدحام ينتظر زيادته مستقبلا مع زيادة عدد السكان، ومهما اتخذ من حلول ستظل الرياض وجدة والدمام وبقية المدن الكبرى مزدحمة، ويشتكي سكانها من ذلك، ومن نقص الخدمات، بينما هذه الخدمات متوافرة في المحافظات القريبة منها، ولا تحتاج إلا إلى التنسيق بين الجهات الحكومية لإكمال بعض المستلزمات البسيطة لتخفف عن المرافق المشابهة لها في المدن الكبرى.
وأضرب مثالا بالمستشفيات لأهميتها، ففي بعض المحافظات القريبة من الرياض مستشفيات تم بناؤها على أحدث طراز، لكن سكان تلك المحافظات يراجعون مستشفيات الرياض، لأن مستشفيات المحافظات تنقصها أجهزة لا تكلف كثيرا، كما أن إدارات تلك المستشفيات تحتاج إلى دعم بالكفاءات. أما الأطباء، فيمكن تنظيم زيارات لهم من مستشفيات المدن، مرة في الأسبوع مثلا، ومعنى ذلك أن الموضوع يحتاج إلى تفقد وتنسيق. وعلى مستوى البلديات، لا بد من حثها على توفير الأسواق والمطاعم التي تؤجر بسعر رمزي، حيث توفر البضائع الضرورية بأسعار مناسبة، وكذلك خدمات المطاعم والمقاهي والترفيه.
وأخيرا: قد تكون الحاجة الآن إلى إطلاق مشروع لوضع خطط تنموية للمحافظات الكبرى القريبة من المدن الرئيسة، يهدف إلى إبراز الميز النسبية لتلك المحافظات وتعظيمها، وتوزيع بعض الخدمات والأنشطة الاقتصادية والتنموية في تلك المحافظات بهدف تخفيف الاعتماد عن المدن الكبرى في الخدمات بأنواعها بما يسهم في رفع جودة الحياة في تلك المدن ورفع تنافسيتها إذا مكنت تلك المحافظات من توفير الخدمات لسكانها وربما اجتذاب سكان المدن الكبرى عبر رحلة قصيرة، وبداية ذلك بتحديد المحافظات المستهدفة والبدء بإعداد استراتيجيات لها، مع إطلاق مسار سريع لتنميتها من خلال توفير الدعم والتنسيق بين الجهات المختصة لضمان رفع كفاءة الخدمات ذات الجودة النسبية في المحافظات سواء التعليمية أو الصحية أو الصناعية أو غيرها من القطاعات.

إنشرها