Author

لماذا التوقعات متفائلة بشأن الاقتصاد الوطني؟

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

في الوقت الذي يشهد العالم فيه مجموعة من التحديات بسبب حالة التضخم التي كان لها تأثير كبير في الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية، كما هو الحال في الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة والبنك المركزي الأوروبي برفع الفائدة بشكل ملحوظ ومتكرر، وما زالت الفرص قائمة لزيادة محتملة خلال الفترة المقبلة، بسبب أن التضخم ما زال في المستويات المرتفعة التي ترى البنوك المركزية ضرورة انخفاضه عنها خلال الفترة المقبلة، ولذلك فإن احتمالات رفع الفائدة ستظل قائمة خلال الفترة الراهنة، ما يعزز من فرص تباطؤ الاقتصادات في العالم، وانخفاض النمو بشكل غالب في كثير من اقتصادات العالم، كما أن الاقتصاد الصيني يتوقع له البعض أن تخف حدة النمو فيه خلال الفترة المقبلة، وفي هذه الحالة نجد أن المشهد في منطقة الخليج خصوصا في المملكة مختلف بشكل واضح، حيث ما زال التفاؤل بالوصول إلى معدلات نمو مرتفعة مقارنة بدول أخرى حول العالم قائما، حيث جاء في تقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية"، "رفعت "موديز" للتصنيفات الائتمانية، توقعاتها لمعدلات نمو الاقتصاد السعودي خلال 2023 و2024.

وقالت إن التعديل بزيادة نسبة النمو إلى 2.5 في المائة في 2023، و3.1 في المائة في 2024، يعكس التوقعات بأن القطاع الخاص غير النفطي سيظل قويا. وكانت "موديز" قد توقعت نمو اقتصاد السعودية، بمعدل متوسط يبلغ نحو 3.9 في المائة خلال الأعوام من 2022 حتى 2026".
فالتفاؤل بالنمو الجيد أصبح أكثر احتمالا حتى في ظل هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العالم بسبب رفع أسعار الفائدة الذي قد يستمر إلى أكثر من عام في مستويات مرتفعة، ما قد يزيد من فرص تباطؤ اقتصادات مجموعة من الدول، لكن في المقابل ورغم النمو الكبير للناتج المحلي خلال 2022 الذي يصعب بعده تحقيق مستويات مرتفعة، إلا أن فرص النمو الجيد ما زالت قائمة في المملكة خلال العامين الأصعب على العالم في المرحلة الحالية، وهما 2023 و2024.
فرص ارتفاع نسبة النمو في المملكة تأتي من مجموعة من العوامل التي قد يكون من الصعب أن تتم نسبتها إلى أسعار النفط، باعتبار أن الأسعار في المرحلة الحالية أقرب إلى الاستقرار، لكن الارتفاعات قد يكون سببها بشكل رئيس الإصلاحات الهيكلية في المرحلة الحالية للاقتصاد، بما في ذلك مرحلة التحول والتخصيص لمجموعة من الوحدات الحكومية، لتكون جزءا من القطاع الخاص، وهذا الإجراء مستمر في المرحلة الحالية، ويتوقع أن يكون فيه توسع خلال الفترة المقبلة لمجموعة من الوحدات المملوكة للمؤسسات الحكومية لتتحول بشكل جزئي أو كلي، وهذا يوجد فرصا عديدة أن تكون هذه الوحدات أكثر كفاءة في تشغيلها، ويعزز من فرص أن تحقق قيمة مضافة إلى الاقتصاد، ويعزز من النمو في القطاع غير النفطي.
من الخطوات التي حققت نجاحا كبيرا خلال الفترة الماضية دعم القطاع الخاص لتعزيز نمو الناتج المحلي من القطاع غير النفطي، وهذا يمكن أن يحقق نتائج كبيرة خلال الفترة المقبلة نتيجة نمو الشركات والبرامج النوعية من مثل برنامج شريك، الذي تم تحويله إلى مركز باسم "مركز برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص - شريك"، إضافة إلى الانفتاح بصورة أكبر على الأنشطة الاقتصادية المتنوعة وتعزيز تمكين جاذبية المملكة للاستثمار الأجنبي، كما أن المشاريع العملاقة في مختلف مناطق المملكة لها دور كبير في تعزيز فرص النمو المستدام للاقتصاد الوطني خلال الفترة المقبلة.
لا شك أن التحديات للوصول إلى اقتصاد متنوع وبكفاءة عالية وتنافسيته كبيرة أمر ليس باليسير ويحتاج إلى جهود كبيرة وتنسيق عال من مختلف الجهات ذات العلاقة، ومن المهم بناء الكفاءات للعمل في الأنشطة المختلفة والمتنوعة بكفاءة عالية، وليكونوا قياديين في المرحلة المقبلة لزيادة تنافسية جاذبية المملكة للاستثمار من مختلف دول العالم، إضافة إلى العمل على بناء صورة ذهنية واسعة عن المملكة باعتبار أن فيها قبلة المسلمين والحرمين الشريفين ومنبع الرسالة النبوية، كما أن لديها إرثا تاريخيا وثقافيا متجذرا ورئيسا في هذا العالم، إضافة إلى رؤية طموحة للمستقبل بكل معطياته وابتكاراته.
الخلاصة، إن المملكة تشهد في هذه المرحلة نموا نوعيا باعتبار أن هذا النمو ليس نتيجة في الأغلب لارتفاع أسعار النفط التي يتوقع لها الاستقرار في ظل الحالة العامة للاقتصاد العالمي، لكن من خلال القطاع غير النفطي الذي يشهد توسعا أفقيا ورأسيا من خلال برنامج يعزز فرص نمو الشركات الوطنية، وخططا لتنويع مصادر دخلها.

إنشرها