Author

أهمية الأمن النفسي

|

إن من أهم مقومات الحياة السعيدة أن يعيش الإنسان في جو يسوده الأمن والسكينة بعيدا عن المنغصات كالخوف أو الفزع أو القلق، ولذا يعد الأمن النفسي مطلبا رئيسا وضروريا لحياة الأفراد والمجتمعات. ومن هنا وضعه بعض علماء النفس في المرتبة الأولى مع الحاجة إلى الأمن الغذائي، "... الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف". على حين يضعه البعض الآخر في المرتبة الثانية بعد الحاجات الفسيولوجية، وأيا كانت مرتبته فلا مجال للحياة السعيدة دونه.
يرى علماء النفس أن الأمن النفسي ينقسم إلى قسمين داخلي وخارجي، فالأمن الخارجي مصدره البيئة الخارجية، وهو من وسائل حماية الإنسان وسلامته من كل ما يهدد حياته، على حين أن الأمن الداخلي ينبعث من النفس وهو أشد تأثيرا من الأمن الخارجي، فكون الإنسان في بيئة آمنة فهذا لا يكفي لإحساسه بالأمن النفسي، بل لا بد من وجود أمن داخلي يجعله قادرا على تحمل ومواجهة أي أخطار تحيط به. ويختلف الناس في إحساسهم بالأمن النفسي اختلافا كبيرا على ضوء التربية في الصغر، إذ تعد الأسرة وبالذات الأم هي المصدر الرئيس لزرع بذرة الأمن النفسي في الإنسان، وكذا وضع الأسرة من حيث طبيعة الجو العاطفي الذي يسودها.
التطور الحضاري والتقني الذي حدث خلال الأعوام الماضية في مختلف مجالات الحياة من أجل سعادة الإنسان وراحته، سهل للإنسان كثيرا من الأمور، لكنه لم يوفر له الأمن النفسي والشعور بالطمأنينة وراحة الضمير، بل إن ما حدث كان خلاف ذلك، فقد ارتفعت نسبة الأمراض النفسية والعقلية وازداد القلق والاكتئاب في كثير من المجتمعات. السؤال هو كيف يحقق الإنسان الأمن النفسي أو السلام الداخلي. وجواب ذلك في قول الحق سبحانه، "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون". فمن هذه الآية الكريمة يتضح جليا ارتباط الإيمان والبعد عن الشرك بأنواعه لتحقيق الطمأنينة والأمن والسعادة.
وعلى الرغم من أن كثيرا من النظريات الإنسانية تركز على الجوانب المادية لتحقيق الأمن النفسي، إلا أنه اتضح لعلماء النفس أن الدين له أهمية كبيرة في تحقيق ذلك، حيث ثبت أن قوة الإيمان بالله تمد الإنسان بطاقة روحية قوية تعينه على تحمل مشاق الحياة وتجنبه القلق الذي يستحوذ على من يبحث عن المادة فقط دون الغذاء الروحي.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها