Author

أسعفني

|

كنت أشاهد مقطعا مصورا عبر كاميرا أحد المطاعم لطفل يختنق أثناء الأكل، فتحاول الأم مساعدة طفلها بلا جدوى بينما هو يحارب من أجل سحب كمية أكبر من الأكسجين ليتمكن من التنفس، كان أغلب الأشخاص يتفرجون وعاجزين عن تقديم المساعدة إلى أن أسرع أحدهم واحتضن الطفل وأمسك به بقوة من الخلف، ثم وضع إحدى يديه على معدته وبالأخرى كان يقوم بدفع المعدة إلى الأعلى، وبعد برهة من الوقت قذف الطفل شيئا صلبا من معدته على الأرض ثم اندفع بقوة لاستنشاق الهواء، وكأنما الروح ردت إليه بعدما كان قد أوشك على فقدها، جميعنا معرضون لأن نكون يوما ما في موقف هذا الطفل أو في موقف أمه، وكلاهما موقف صعب خصوصا إن لم تتوافر المساعدة الفورية، في ديننا العظيم يعد إنقاذ النفس البشرية من الهلاك من أعظم الأخلاق التي أثنى الله تعالى على فاعلها في قوله تعالى، (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، تغمر البشر مشاعر فياضة من الفرح والامتنان حين يرون أحد رجال خفر السواحل يرمي نفسه في البحر، لينقذ غريقا أوشك على الموت بعد أن جرفته الأمواج بعيدا فيسحبه نحو شاطئ الأمان، ليكتب الله له عمرا جديدا، وحين ترتفع النيران في منزل ما فيقتحم أحد رجال المطافئ الحريق مجازفا بحياته لينقذ أطفالا ارتفع صراخهم أو امرأة تستغيث فيخرجهم، ليكتب الله لهم عمرا جديدا، أو حين يبذل الطبيب قصارى جهده في إنعاش ضحايا الحوادث والكوارث فيسخر طاقته وعلمه لإنقاذهم، ليكتب الله لهم عمرا جديدا... كل تلك المشاعر الفياضة من الفرح والامتنان ستغمرنا حين نشاهد شخصا يقدم إسعافا أوليا يسهم في إنقاذ حياة أحدهم سواء كان في مكان عام أو مطعم أو غيره، ليس هناك أشد ألما وندما من أن يكون أمامك شخص يوشك على الهلاك بسبب لقمة وقفت في حلقه، أو حصول إغماء بسبب هبوط ضغط أو سكر، أو نزيف دموي بسبب آلة حادة، أو سقوط من درج أو غيرهم، وأنت تقف عاجزا عن تقديم المساعدة له لجهلك بالإسعافات الأولية التي قد تسهم بمشيئة الله في وهب الحياة له من جديد.
وخزة:
مهارة الإسعافات الأولية قد تشكل في لحظة ما فارقا حقيقيا في إحياء أو إنهاء حياة شخص ما، لذلك ليت وزارة التعليم تدرجها كمنهج مهاري ضمن مقرراتها، وليت وزارة التجارة تجعلها ضمن شروط المطاعم أن يكون واحد على الأقل من العاملين مجتازا لهذه المهارة، كما ليت كل أسرة تحرص على تعليم أبنائها هذه المهارة الدينية العظيمة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها