الطاقة- النفط

سوق النفط تواجه تقلبات سعرية .. مخاوف من تأثير العقوبات الروسية وشكوك تعافي الطلب

سوق النفط تواجه تقلبات سعرية .. مخاوف من تأثير العقوبات الروسية وشكوك تعافي الطلب

توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، في ضوء مخاوف تأثير تداعيات العقوبات في روسيا، وتعافي الطلب الصيني بعد إنهاء قيود الإغلاق المشدد السابقة، بسبب جائحة كورونا.
وتشير التقارير الدولية إلى أنه على الرغم من الحظر والسقف السعري الغربي المفروض على إمدادات النفط الخام الروسي، رصدت الإحصائيات أن الشركات الروسية حصلت على أموال أكثر بكثير من بيع النفط مما كان يعتقد في الأسابيع التي أعقبت فرض حد أقصى لسعر صادرات البلاد.
وبلغ متوسط سعر النفط الخام الروسي نحو 74 دولارا للبرميل في الأسابيع الأربعة التي أعقبت فرض الحد الأقصى وهذا يزيد بنحو ربع عن الحد الأقصى - 60 دولارا للبرميل - الذي حددته مجموعة السبع ابتداء من 5 كانون الأول (ديسمبر) الماضي-.
ويقول لـ"الاقتصادية" المحللون النفطيون إن الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع يبحثان إنفاذ العقوبات بشكل صارم لضمان امتثال المشترين للقيود المفروضة على خدمات الشحن والتأمين، لافتين إلى حرص الولايات المتحدة نفسها على تجنب عمل إغلاق كبير للصادرات الروسية وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
ولفتوا إلى أن روسيا - التي تحصل على نحو ثلث إيرادات ميزانيتها من صناعة النفط والغاز - لجأت أخيرا إلى تعزيز مواردها المالية عن طريق تغيير الطريقة التي تحسب بها الضرائب على النفط باعتماد ضرائب أكبر على خام الأورال المبيع وهو ما يعزز الموازنة الروسية لهذا العام بنحو 8.7 مليار دولار.
وفى هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إيه" لخدمات الطاقة إن أسعار النفط الخام ستواصل تذبذباتها خلال الأسبوع الجاري في ظل أجواء عدم اليقين المحيطة بالسوق والشكوك المتعلقة بتعافي الطلب.
وذكر أن الاعتماد على استمرار الإفراج عن احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي أمر محدود التأثير في الأسعار ومعقد في تنفيذه بسبب اقتراب المخزونات النفطية الأمريكية من المستويات القياسية في الانخفاض، موضحا أن الولايات المتحدة تواجه تحديات جديدة وخيارات محدودة إذا ارتفعت أسعار الوقود المحلية مرة أخرى حيث لم تظهر روسيا أي علامات على إنهاء الحرب مع أوكرانيا.
من جانبه، يرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية أن معنويات السوق النفطية تتجه تدريجيا إلى المنحى الإيجابي بعدما رفعت عديد من البنوك الاستثمارية توقعاتها لأسعار النفط الخام خلال النصف الثاني من العام الجاري، لافتا إلى أنه مع دخول الحرب الروسية - الأوكرانية عامها الثاني من الممكن حدوث مزيد من الزيادات في الأسعار بسبب اضطرابات العرض.
وأشار إلى أن الحدود القصوى لأسعار الصادرات النفطية الروسية المنقولة بحرا من النفط الخام والمنتجات البترولية التي دخلت حيز التنفيذ في 5 كانون الأول (ديسمبر) و5 شباط (فبراير) على التوالي أدتا بالفعل إلى فرض قيود على إمدادات النفط الخام، خاصة أن هناك احتمالات جديدة لخفض السقف السعري لدول مجموعة السبع عن 60 دولارا للبرميل خلال مراجعة ستجري في آذار (مارس) المقبل.
ويضيف بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة أن الاستقرار يغيب عن أسواق الطاقة في ظل تصاعد الحرب في أوكرانيا ولجوء الدول الغربية إلى إقرار عقوبات على النفط الروسي ورد روسيا على هذه العقوبات بخفض إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميا في إطار العقوبات المضادة، بينما تحاول الولايات المتحدة استغلال احتياطي البترول الاستراتيجي في تهدئة وتيرة صعود الأسعار وللحد من نقص إمدادات النفط العالمية وخفض أسعار الوقود المحلية ما أثار استياء صناعة النفط.
ولفت إلى تأكيد مراقبين في السوق أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تحتاج بالفعل إلى إدراك أنها لا تستطيع التحكم في أسعار النفط العالمية من خلال الإفراج المتتالي عن احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي الذي من الصعب أن يستمر طويلا خاصة إذا تعافى الطلب بوتيرة سريعة مع عودة الصين وزيادة الاستهلاك المحلي.
وتؤكد ارفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، أن خريطة موردي الطاقة تتغير نسبيا حيث تحرص المصافي المستقلة الصينية في مقاطعة شاندونج على استيعاب النفط الخام الروسي بوفرة وبتنوع واسع خاصة من منطقة القطب الشمالي الغربي في روسيا.
وأكدت أن مكاسب الأسعار هدأت نسبيا مع انحسار المخاوف على المعروض وتغلب النفط الروسي على محاولات التحجيم الغربية وتمكنه من توسيع حصته في آسيا بفضل خصومات البيع السعرية الكبيرة، وقبل الحرب في أوكرانيا كانت الحصة الأكبر من الإمدادات الروسية تباع عادة لمصافي التكرير الأوروبية ونادرا ما يتم بيعها للمستخدمين النهائيين في الصين ومن المتوقع أن يتم تحويل معظم الشحنات إلى الصين في 2023 بالرغم من العقوبات.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط عند تسوية تعاملات جلسة نهاية الأسبوع لثاني جلسة على التوالي، لكنها أنهت الأسبوع دون تغيير يذكر.
وعند التسوية، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 1.2 في المائة إلى 83.16 دولار للبرميل كما صعدت عقود الخام الأمريكي بنسبة 1.2 في المائة إلى 76.32 دولار للبرميل ولم يطرأ تغير يذكر على أسعار خامي القياس على أساس أسبوعي.
وقال بنك "جي بي مورجان" في مذكرة الجمعة إن احتمال هبوط الأسعار على المدى القصير أكبر من احتمال صعودها ومن المرجح أن تتجه نحو ما بين 70 و80 دولارا للبرميل.
وفي سياق منفصل، أفادت مصادر لـ"رويترز" أن روسيا تخطط لتنفيذ تخفيضات كبيرة لصادراتها النفطية الشهر المقبل من أجل رفع سعر الخام على الغرب.
من جانب آخر.. ذكر تقرير "بيكر هيوز" الأمريكي الدولي المعني بأنشطة الحفر أن العدد الإجمالي لمنصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة انخفض بمقدار 7 هذا الأسبوع حيث تراجع إجمالي عدد الحفارات إلى 753 هذا الأسبوع - 103 منصات أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في 2022 و322 منصة أقل من عدد الحفارات في بداية 2019 قبل انتشار الوباء.
وأشار التقرير الأسبوعي إلى انخفاض الحفارات النفطية في الولايات المتحدة بمقدار 7 هذا الأسبوع إلى 600 بعد انخفاضها بمقدار 2 في الأسبوع السابق بينما بقيت منصات الغاز على حالها عند 151 وبقيت الحفارات المتنوعة كما هي عند 2، مع ارتفاع الحفارات في حوض بيرميان بمقدار 1 وظلت الحفارات في إيجل فورد كما هي.
ونوه إلى بقاء إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة على حاله عند 12.3 مليون برميل يوميا للأسبوع الثالث على التوالي للأسبوع المنتهي في 17 فبراير وذلك وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية، بينما زادت مستويات الإنتاج في الولايات المتحدة 700 ألف برميل يوميا مقارنة بالعام الماضي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط