Author

3 قرون وزيادة

|

ابتهج الشعب السعودي كبيرهم وصغيرهم رجالهم ونساؤهم بالاحتفال بذكرى يوم التأسيس عام 1727، ويحق لهم الاعتزاز والابتهاج والمفاخرة بهذا الكيان الشامخ "المملكة العربية السعودية"، فهو ليس مثل الأوطان الأخرى، بل يتميز بهوية وطنية فريدة، وتاريخ وطني لم يلوثه الاستعمار الأجنبي، وتنوع ثقافي مثير للإعجاب، وتركيبة سكانية مختلفة، وتراث عريق، وطبيعة جغرافية متنوعة.
ولطبيعة القيادة السعودية الراسخة الجذور والنابعة من أرض الجزيرة العربية مهد الحضارات، وليست دخيلة من بقاع أخرى، أو حصيلة استعمار أجنبي، هذه السمة جعلت القيادة السعودية منذ تأسيسها من الناس إلى الناس، وتعيش بين الناس، في تجانس جميل، وارتياح كبير، أكسبها رضا ومحبة وقبولا لدى جميع الناس. فمنذ التأسيس قبل ثلاثة قرون على يد محمد بن سعود عام 1139هـ "1727" للدولة السعودية الأولى التي استمرت إلى عام 1233هـ "1818"، وعاصمتها الدرعية ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، نتج عنها إرساء دعائم الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، بعد قرون من الحروب القبلية والفرقة، ثم تمكن الإمام تركي بن عبدالله من استعادتها عام 1240هـ "1824"، واستمرت إلى عام 1309هـ "1891"؛ وبعد عشرة أعوام فقط، جاء الملك عبدالعزيز عام 1319هـ "1902" ليوحد أرجاء المملكة باسم المملكة، وتبدأ قصة جديدة للتنمية والازدهار.
تمخض عن تأسيس هذا الكيان الأمن والأمان. فالإنسان آمن على نفسه، وعرضه وماله، ينام مرتاحا، ويسافر آمنا، ويسعى إلى رزقه مطمئنا، ويسافر ويترك أبناءه دون قلق أو خوف عليهم. والأمن -كما هو معروف- هو الركيزة الأساسية والأهم لانطلاق التنمية.
وخلال ذلك، تشكلت الهوية السعودية التي تضرب جذورها في عمق التاريخ بقيمها الإسلامية العريقة والعربية الأصيلة، وتجمع بين قيم الكرم، والعطاء، والطيبة، والوفاء، والإنسانية، ومخافة الله، إلى جانب اللباس العربي المميز الذي يعد أصل اللباس العربي الذي شهد بعض التطور مع مرور الزمن.
رغم تميز الهوية السعودية، إلا أنها تتميز بتنوعها المنسجم مع ذاتها، لتشكل الهوية الوطنية الشاملة لمجتمع المملكة، هذا التنوع الثقافي بين مناطق المملكة يثري رصيدها الثقافي، ويزيد جذبها، ويعطيها نكهة سعودية خاصة ومختلفة، ما يجعلها جاذبة وممتعة للسياحة من داخل المملكة وخارجها. فكم استمتعت وغيري بالسياحة والسفر بين مناطق بلادي من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وكأنني أكتشفها من جديد. ليس ذلك فحسب، بل تتميز المملكة بتاريخها الطبيعي وبيئتها الفريدة والمتنوعة، ما بين بحار من الرمال المبهرة في الربع الخالي، والجبال الشامخة الشماء في غربها وجنوبها الغربي، والسهول الشاسعة في وسطها، والواحات المتناثرة في كل أرجائها تبهر الناظرين بنخيلها الباسقة، وتحيط بهذه المملكة الجميلة شواطئ ومسطحات مائية كبيرة تمتد على مسافات طويلة.
فالزائر لا يستمتع بتنوع الطبيعة فقط، بل بآثار تحكي قصة حياة الإنسان على أرض هذه المملكة المباركة، منذ العصور الحجرية إلى العصور الحديثة، ما بين نقوش على واجهات الجبال والصخور، ومنازل منحوتة في الجبال، وقصور وقلاع على قمم التلال، وقرى تراثية سجل بها الإنسان حكاياته وقصص حياته.
نعم إنها المملكة التي رسمت موقعها العالمي في مجالات العلم والبحث العلمي، والابتكار، الاقتصاد، وأخيرا في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي الذي أبهر العالم، وبذلك احتلت المملكة مكانة اقتصادية كبيرة، جعلتها محط الأنظار ومقصد الاستثمار بما فيها من بنية أساسية حديثة، وتشريعات شاملة، ونهضة تنموية كبيرة، وقيادة طموحة، وأمن واستقرار يشهد بها القاصي والداني.

إنشرها