Author

سداسية التأسيس

|

يوم التأسيس لم يكن عاديا هذه المرة، كان طوال الأسبوع الماضي استثنائيا بكل معايير الاستثناء، بالنسبة لي فتجربتي لا توصف وأنا أشتري البشت "المشلح"، والعقال المقصب لابني، للاحتفال مع زملائه في مدرسته، ولقد تجلت أمامي تاءات ستة على وقع الاحتفاء بهذا الحدث البهيج وهي:
- تدريس بأنه كان منعطفا تاريخيا صنع ماضينا وشكل حاضرنا ويرسم مستقبلنا، لذا يجب ألا يكون عابرا، بل محفورا في الذاكرة تشرئب لذكراه الأعناق، وتنهض لموعده الهمم، ويكون عنوان مادة التاريخ الذي يدرس حضارات الأمم والشعوب والحضارات.
- تحميس النشء على الابتهاج والحماسة ليوم كان له ما بعده، وتعميق فكرة الاحتفال والاحتفاء، من أجل تنظيف الأجواء من الأدخنة المنبعثة من حرائق العصبية والتشتت والتيه التي بالجوار، وتعمل على تنظيف ما علق من شوائب المنصات الاجتماعية التي تحاول نزع الهوية وتمييع الشخصية وتضييع البوصلة عن حقيقة جيل أصيل بدأ أجداده البناء منذ 300 عام.
- تكريس الإعلام لفكرة التأسيس والتسابق لتنظيم الاحتفالات والمسارح، والتحدي للخروج بأفضل زاوية تصوير ورؤية إخراجية وسيناريو متفرد بإثراء مختلف، ورسائل اتصالية في غاية الأهمية، تنص على أنها أرض لا تحتفل باستقلال، لأنها حرة لم تستعبد، وشامخة لم تستعمر ولم تطلق الزغاريد للفرح بخروج آخر جندي محتل، بل بلد بنته أيدي أبنائه، وحمته المعاصم، يأكل من أرضه وما سقته سماه، وأنبت من بركة أرضه ما جعلها في الطليعة دائما، وما زالت همم جيله تواصل البناء والتطوير.
- تأنيس وبث الفرحة والبهجة، فالفرح ليس في الأعياد، بل في كل وقت وحين، والتأسيس موعد لعيد وطني مجيد، نفرح وتستأنس بـ"يوم بدينا"، وكيف كنا، وإلى أين وصلنا، وكيف نلبس ونأكل ونسكن وننتقل مع تفاصيل تربطنا بماضينا الذي يشرف به كل سعودي ينتسب لهذا الكيان العريق.
- تنكيس كل طائفي ومتطرف ومتلبس بالوطنية يبغي بها عوجا، لتظل راية هذه البلاد خفاقة خضراء لا تنكس، إنه يوم تنكيس لكل من أراد بنا شرا، باستغلال الدين ولكل الأعداء الذين يتربصون بنا شرا ويحاولون جر أبنائنا وبناتنا لمخاسر الأخلاق ومفاسد الطباع، والزج بهم في مهالك المخدرات والعنف، ودعاوى التخلف الجنسي والعهر الثقافي.
- تغميس وانصهار ماضينا بحاضرنا وامتزاج الملبس والمظهر، وأن كل ما نراه حولنا هو بسبب ماضينا التليد، فنفخر بالناقة ونفاخر بالصحراء ونتفاخر بالبداوة مع تسابقنا في العلم، وتسلحنا بالقوة والاقتصاد والعلم والمعرفة.

إنشرها