أسعار النفط تواجه ضغوطا هبوطية .. البيانات الاقتصادية أكثر تأثيرا من أرقام العرض والطلب

أسعار النفط تواجه ضغوطا هبوطية .. البيانات الاقتصادية أكثر تأثيرا من أرقام العرض والطلب

سجلت أسعار النفط الخام خسائر أسبوعية حادة في ختام الأسبوع الماضي، حيث تراجع خام برنت بنحو 2.5 في المائة والخام الأمريكي بنحو 3.9 في المائة وسط مخاوف من مستقبل السياسة النقدية لدى الاحتياطي الفيدرالي.
وفي هذا الإطار، ذكر تقرير "ريج زون" النفطي الدولي، أن أسعار الخام حققت أطول سلسلة من الخسائر اليومية هذا العام مع إشارات متشددة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي زادت من المخاوف بشأن المخزونات.
وأشار التقرير إلى أن الزيادة الكبيرة في مخزونات الولايات المتحدة والمشاعر الأوسع في الابتعاد عن المخاطرة التي أثارتها احتمالية استمرار رفع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي أثرت كثيرا في النفط الخام في ختام تعاملات الأسبوع.
ولفت إلى أن الضغوط الهبوطية تفاقمت بسبب خطة الحكومة الفيدرالية لمواصلة سحب الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للبلاد، حيث من المقرر إطلاق 26 مليون برميل إضافي في السوق، مشيرا إلى أن بقاء النفط عالقا في نطاق ضيق منذ أوائل كانون الأول (ديسمبر) الماضي مع التأثر بتوقعات استهلاك قوي في الصين، في مقابل اندفاع الاقتصاد الأمريكي نحو الركود تحت وطأة زيادات الاحتياطي الفيدرالي.
ونقل التقرير عن بنك "جولدمان ساكس"، أن تجدد تجارة النفط المحدودة النطاق يتسبب في أن تصبح السوق حذرة وسط تطلع لنمو الاستثمارات النفطية استجابة لمستوى الأسعار الملائم في الفترة الراهنة.
من جانب آخر، ذكر تقرير "أويل برايس" النفطي الدولي، أن العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي انخفضت بعد التخلي عن المكاسب السابقة، حيث ساعد على الحد من الأسعار ارتفاع الدولار، الذي تعزز بعد أن أشارت تقارير اقتصادية جديدة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى رفع أسعار الفائدة لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق.
ولفت إلى أن البائعين تأثروا أيضا بالبناء الهائل في مخزونات النفط الخام الأمريكية التي تم الإعلان عنها الأربعاء الماضي، على الرغم من أن احتمالات انتعاش الطلب الصيني من المحتمل أن تعوض هذه الانخفاضات في وقت يتتبع فيه التجار التقارير الاقتصادية الأمريكية أيضا عن كثب.
وأوضح التقرير أن تقلبات الأسعار في السوق النفطية في الأسبوع الماضي عادت بقوة، ويرجع ذلك إلى أن السوق أصبحت تعتمد على البيانات الاقتصادية وليس فقط على أرقام العرض والطلب التقليدية وتحديدا البيانات الاقتصادية الأمريكية التي لها تأثير قوي في سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ولفت إلى أن البيانات الاقتصادية تشير إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يواصل رفع أسعار الفائدة أو المخاطرة بفقدان السيطرة على التضخم، بينما يعزز الدولار وضعه مشيرا إلى أن زيادة المخاوف بشأن الركود من شأنها أيضا أن تحد من الطلب العالمي.
وذكر التقرير أن إعادة فتح المصافي الصينية وبدء تشغيل المصافي الجديدة سترفع واردات النفط الخام في أكبر مستورد في العالم إلى مستوى قياسي هذا العام إلى أنه يمكن أن تزيد واردات الصين من الخام إلى متوسط يصل إلى 11.8 مليون برميل يوميا هذا العام لترتفع بما يراوح بين 500 ألف برميل يوميا ومليون برميل يوميا، وهذا من شأنه أن يعكس التراجع في 2021 و2022 ويتجاوز الرقم القياسي البالغ 10.8 مليون برميل في اليوم في واردات النفط الخام السنوية بدءا من 2020.
وتوقع أن تؤدي إعادة الافتتاح في الصين إلى قفزة في الطلب على البنزين ووقود الطائرات، بينما من المتوقع أيضا أن يرتفع الطلب على الديزل بسبب النمو الاقتصادي ونمو تشييد البنية التحتية، مشيرا إلى أن مصافي التكرير الصينية ترفع معدلات الاستخدام بسبب انخفاض تكلفة الخام وزيادة الطلب بعد إعادة الافتتاح.
وسلط التقرير الضوء على بدء الصين أيضا هذا العام تشغيل مصفاتين جديدتين بطاقة مجمعة لمعالجة 520 ألف برميل يوميا من الخام، ما من شأنه أيضا أن يؤدي إلى ارتفاع الواردات، مشيرا إلى أن عدم اليقين بشأن حصص تصدير الوقود في المستقبل هو عامل يعيق التوقعات.
وأبرز تأكيد وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على النفط من المقرر أن يرتفع بمقدار مليوني برميل يوميا هذا العام مدفوعا بنمو الاستهلاك الصيني بعد إعادة الافتتاح، حيث رفعت تقديراتها لنمو الطلب في 2023 بمقدار مائة ألف برميل يوميا عن توقعات الشهر الماضي.
ونوهت الوكالة إلى أن الطلب الصيني المتزايد على النفط - مع نمو بلغ 900 ألف برميل يوميا هذا العام – حيث من المرجح أن تهيمن بقية منطقة آسيا والمحيط الهادئ على النمو العالمي، مشيرا إلى أن الصين تمثل ما يقرب من نصف الزيادة المتوقعة البالغة مليوني برميل في اليوم هذا العام مع استعداد الدول المجاورة أيضا للاستفادة، بعد أن تخلت بكين عن سياساتها الخاصة بعدم انتشار كوفيد.
ورأى التقرير أن الفجوة تتسع بين خام غرب تكساس الوسيط ومعايير النفط الخام العالمية الأخرى، حيث أدى ارتفاع مخزونات النفط الخام وإصدار آخر من احتياطي البترول الاستراتيجي إلى دفع المؤشر الأمريكي هبوطيا، كما أدى إصدار هذا الأسبوع من البيانات الاقتصادية القوية في الولايات المتحدة والمؤشرات إلى سوق العمل الضيقة إلى إضافة بعض الضغط الكلي على أسعار النفط أيضا، ما زاد من المخاوف من أن ارتفاعات الاحتياطي الفيدرالي قد تستمر فترة أطول.
وأضاف التقرير أنه نتيجة لهذه التطورات الهبوطية تراجع خام غرب تكساس الوسيط إلى ما دون 76 دولارا في ختام الأسبوع الماضي، مشيرا إلى تقدير المحللين أن واردات الصين من النفط الخام سترتفع بمقدار 0.5-1.0 مليون برميل في اليوم هذا العام لتصل إلى 11.8 مليون برميل في اليوم، وهو أعلى مستوى جديد على الإطلاق، ما يعكس التراجع السنوي في 2022 ويطلق عمليات التكرير المحلية بعد معاناة طوال أعوام مع سياسة صفر كوفيد.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار النفط عند تسوية تعاملات الجمعة، مسجلة خسائر أسبوعية حادة وسط مخاوف من مستقبل السياسة النقدية لدى الاحتياطي الفيدرالي. وعند التسوية تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 2.5 في المائة، إلى 83 دولارا للبرميل، مسجلة خسائر أسبوعية 3.9 في المائة.
كما انخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي 2.7 في المائة، مسجلة 76.34 دولار للبرميل، ليتكبد الخام خسائر أسبوعية بنحو 4.2 في المائة.
من جانب آخر، انخفض العدد الإجمالي لمنصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة بمقدار 1 هذا الأسبوع، حيث تراجع إجمالي عدد الحفارات إلى 760 هذا الأسبوع - 115 منصة أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في 2022 و315 منصة أقل من عدد الحفارات في بداية 2019 قبل انتشار الوباء.
وأشار تقرير "بيكر هيوز" الأمريكي الأسبوعي عن أنشطة الحفر إلى انخفاض الحفارات النفطية في الولايات المتحدة بمقدار 2 هذا الأسبوع إلى 607 بعد زيادة بمقدار 10 في الأسبوع السابق، كما زادت حفارات الغاز بمقدار 1 لتصل إلى 151 في حين بقيت الحفارات المتنوعة على حالها عند 2، وظل عدد الحفارات في حوض بيرميان وإيجل فورد كما هو.
ولفت التقرير إلى بقاء إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة على حاله عند 12.3 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 10 شباط (فبراير)، وذلك وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية، حيث زادت مستويات الإنتاج في الولايات المتحدة 700 ألف برميل يوميا مقارنة بالعام الماضي.

الأكثر قراءة