Author

قراءة محاسبية في نظام الشركات الجديد «3»

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى

تستمر هذه السلسلة من المقالات لغرض تحليل ما ورد في نظام الشركات من موضوعات تمس أعمال المراجعة الخارجية للحسابات، وهنا أركز على مسألة تعيين المراجع وفقا لنص المادة "19" من نظام الشركات التي نصت على "عدم" إلزامية تعيين مراجع الحسابات الوارد في المادة "18" من النظام، في الشركة متناهية الصغر والصغيرة "إلا في حالات معنية ذكرها النظام وتمت مناقشتها في المقال السابق"، كما أن الفقرة "الرابعة" من المادة "19" نصت على عدم إلزامية تعيين مراجع على شركة التضامن أيضا إلا في إحدى الحالات الآتية:
أ- إذا كان جميع الشركاء فيها أشخاصا اعتباريين متخذين أي شكل من أشكال الشركات غير شركة التضامن.
ب- إذا كان جميع الشركاء فيها أشخاصا اعتباريين متخذين شكل شركة التضامن وكان الشركاء فيها أشخاصا اعتباريين متخذين أي شكل من أشكال الشركات غير شركة التضامن.
ج- إذا نص في عقد تأسيس الشركة على تعيينه.
وبهذا فإن كل شركات التضامن معفاة من تعيين مراجع الحسابات، إلا إذا كان الشركاء "جميعا" أشخاصا اعتباريين، وبأي شكل كانوا، وهذا يتضمن أيضا أن وجود أي شخص طبيعي مع شركاء من أشخاص اعتباريين يمنح الشركة حق عدم تعيين المراجع إلا إذا نص عقد التأسيس على ذلك.
بهذا فإن المادة "19" قد منحت الشركات الصغيرة والمتناهية في الصغر وفقا لشروط معنية ولشركات التضامن حق عدم تعيين مراجع للحسابات، وبذلك فقد خرجت شريحة واسعة في الشركات التي كانت تغذي قطاع المراجعة الخارجية من قاعدة الإلزام القانوني، لتحدي الأثر بشكل دقيق فقد بحث عن إحصائيات للشركات التضامنية وللأسف فإن موقع وزارة التجارة لا يقدم شيئا ولا حتى موقع هيئة الإحصاءات العامة، لكن مع الشكر الجزيل لموقع البنك المركزي، فإن هناك 5295 شركة تضامن حتى 2021، رأسمالها المجمع يتجاوز قليلا قيمة ملياري ريال، بينما عدد الشركات ذات المسؤولية المحدودة قد بلغ أكثر من 144 ألف شركة، جميعها مجبرة بنص النظام على تعيين المراجع الخارجي، ما يعني عدم وجود تأثير لعدم إلزامية شركات التضامن على تعيين المراجع الخارجي في حجم الطلب الكلي على خدمات المراجعة.

ومن الواضح جدا أن السبب في النص على عدم الإلزامية هنا يأتي لأن الشريك المتضامن مسؤول تماما عن الديون حتى في الأموال الخاصة، ولهذا فإن هذا الشكل من أشكال الشركات ليس بتلك الشعبية بين رجال الأعمال إلا في نواح محدودة، وإذا كانت المسؤولية التضامنية أكبر بكثير من مسؤولية المراجعة فإن الثقة بالبيانات المالية قد لا تكون بأهمية الثقة بالأشخاص، ولذلك وتخفيفا للقيود تمت إزالة هذا الالتزام، على أن كل شركة ملزمة نظاما بإعداد قوائم مالية وفقا للمعايير المحاسبية ورفعها على منصة قوائم.
سأنتقل الآن إلى موضوع التزامات مراجع الحسابات التي وردت في المادة "20" الذي يهمني في هذه المادة هو الفقرة "الرابعة" التي نصت على أن لمراجع الحسابات ـ في أي وقت ـ الاطلاع على وثائق الشركة وسجلاتها المحاسبية والمستندات المؤيدة لها، وله طلب البيانات والإيضاحات التي يرى ضرورة الحصول عليها للتحقق من أصول الشركة والتزاماتها، وغير ذلك مما يدخل في نطاق عمله. وعلى مدير الشركة أو مجلس إدارتها تمكينه من أداء واجبه.

وإذا صادف مراجع الحسابات صعوبة في هذا الشأن أثبت ذلك في تقرير يقدم إلى المدير أو مجلس الإدارة.
فإذا لم ييسر المدير أو مجلس الإدارة عمل مراجع الحسابات، وجب عليه أن يطلب منهم دعوة الشركاء أو المساهمين إلى الاجتماع أو الجمعية العامة إلى الانعقاد ـ بحسب الأحوال ـ للنظر في الأمر. ويجوز لمراجع الحسابات توجيه هذه الدعوة إذا لم يوجهها المدير أو مجلس الإدارة خلال "30" يوما من تاريخ طلب مراجع الحسابات.

هذا من الموضوعات الشائكة التي تتعلق بنطاق وأعمال المراجعة وله أحكام معقدة في تقرير المراجعة، ولن أتطرق إلى ذلك حفظا لوقت القارئ، لكن المادة "261" التي ذكرت الجرائم الأقل جسامة وعقوباتها، قد أشارت في الفقرة "ي" إلى أن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على "عام" وبغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أعاق عمدا عمل الذين لهم الحق ـ بحكم النظام ـ في الاطلاع على أوراق الشركة ومستنداتها وحساباتها وسجلاتها ووثائقها، أو تسبب في ذلك، أو امتنع من تمكينهم من أداء عملهم، فكيف يتم الجمع بين هذه الموضوعات المهمة جدا؟ في ظني يجب على هيئة المحاسبين تقديم إيضاحات حول ذلك، فهل من مسؤولية المراجع رفع الدعوى، أو إبلاغ النيابة العامة، أم مجرد تقديم التقرير المعدل بموضوع.
هذه أهم الموضوعات التي رأيت أنها تستحق اهتمام المراجعين الخارجيين، التي أصبحت تمس مسؤوليات المراجع، وبالطبع هناك مسؤوليات مهنية أخرى وردت في نظام المحاسبة والمراجعة، التي تمس قضايا مهنية بشكل أساس، ما يوسع نطاق المسؤوليات ويجب تدريب طلاب المحاسبة عليها، فمن الجدير بالذكر أن المسؤوليات المهنية ليست متعدية إلى طرف ثالث لم يكن من الأطراف التعاقدية، لكن المسؤوليات الواردة في نظام الشركات هي من نوع المسؤوليات المتعدية التي يمكن لطرف ثالث "غير منظور عند التعاقد بين المراجع والشركة" أن يرفع قضية على المراجعين ويطالب بالتعويض، أشخاص تعرضوا لمشكلات بسبب الثقة بالشركة، حتى لو لم تكن هناك علاقة بينهم وبين المراجع بأي شكل، ولا حتى بينهم وبين الشركة، كأن يكون مستثمرا محتملا، فقد نصت الفقرة "السابعة" من المادة "20" أن يكون مراجع الحسابات مسؤولا عما ورد في تقريره، وعن كل ضرر يصيب الشركة أو الشركاء أو المساهمين أو الغير بسبب الأخطاء التي تقع منه في أداء عمله.

وهنا يجب الوقوف طويلا أمام عبارة "وعن كل ضرر يصيب الشركة أو الشركاء أو المساهمين "أو الغير" بسبب الأخطاء التي تقع منه في أداء عمله.

إنشرها