هناك كثير من القواعد المهمة في باب تعامل الناس فيما بينهم تضبط هذه القواعد السلوك الذي من المفترض أن يكون هو السائد بين البشر في تعاملاتهم اليومية. وبالتأمل في كتاب الله الكريم نجد أنه حافل بكثير من هذه القواعد. ومنها قاعدة "وقولوا للناس حسنا"، وهي قاعدة يتكرر ذكرها في القرآن في أكثر من موضع إما صراحة وإما ضمنا. ومن المواضع التي توافق هذا اللفظ تقريبا قول الحق سبحانه، "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن.. الآية". الناس بصفة عامة في حاجة ماسة إلى مثل هذه القواعد، وذلك في ضوء اختلاف أديانهم، وطبائعهم، وألوانهم، وأعمارهم. إنها مهمة حين التعامل مع الأبناء والأهل والأصدقاء، بل والأعداء.
إن الإنسان لا يمكن أن يسع الناس بإحسانه من جهة ماله، لكن يمكن أن يسعهم بجمال لفظه ومنطوقه "..فليسعد النطق إن لم يسعد الحال". يلاحظ في الآية الكريمة ورود كلمة "أحسن" بصيغة اسم التفضيل، وذلك للتأكيد على اختيار ما هو أحسن، أي كلما كان القول أكمل في الحسن فهو أولى، فإذا كان هناك قولان حسنان فينبغي اختيار أحسنهما. إن الناظر في مواقع التواصل الاجتماعي ليأخذ منه العجب كل مأخذ، حيث يلحظ أن أغلبية المشاركين لا يبالون بما يقولون ولا يحسبون للكلام أي حساب، خاصة مع من يختلف معهم في الرأي، ولا يكترثون للإساءة للآخرين، حيث تراهم في أحاديثهم ومداخلاتهم في كل واد يهيمون. عطاء بن أبي رباح رحمه الله قال إن معنى الآية ".. وقولوا للناس حسنا" أي أن تقول حسنا من القول لكل من لقيت من الناس.
الكلمة الطيبة بلا شك هي من هداية الله ومن تفضله على عباده . "وهدوا إلى الطيب من القول". يؤكد علماء السلوك البشري أن كل كلمة يتفوه بها الإنسان تبقي أثرا في دماغ المتلقي وتظهر في ملامحه لا إراديا، فاللفظ الجارح يحدث جروحا غير مرئية في الدماغ تقود إلى إتلاف بعض من خلاياه، وتجعل التفكير سلبيا وينعكس ذلك على وجهه، وذلك بخلاف الكلمة الطيبة التي تنشط مراكز المخ لإفراز مواد تؤثر إيجابيا في مراكز الانفعال، فينعكس ذلك على صحة الإنسان وعافيته وإشراق وجهه فضلا عن إنبات الود في قلب المتلقي.
كيف أصبحت كيف أمسيت مما
ينبت الود في فؤاد الكريم
