FINANCIAL TIMES

لقياس حرارة الحي المالي .. راقب شركات المحاماة

لقياس حرارة الحي المالي .. راقب شركات المحاماة

السؤال المطروح بشكل متزايد في السوق القانونية هو ليس ما إذا كان لديك خلية نحل على سطح المبنى، الذي تشغله شركتك، ولكن إلى متى ستستمتع بها.
السوق التي تشهد نموا سريعا شجعت مكاتب المحاماة في الحي المالي في لندن على الاستئجار في مبان تقدم دروس اليوغا، أو محال تقليم الأظافر، أو الأبنية التي تستضيف فيها خلايا النحل "على ما يبدو لزيادة التنوع البيولوجي الحضري". كان ذلك يعد عاملا حاسما للانتصار في حرب المواهب، إضافة إلى أنه يساعد على انتشال المحامين من مكاتبهم في المنزل. التحول المفاجئ في المعنويات يعني أن هذه الامتيازات لا تزال متوافرة حتى مع البدء في تقليص النفقات. وكما ترى هنا، فقد خسرت سوق الصفقات جاذبيتها بالتأكيد.
انخفضت أحجام الصفقات على مستوى العالم بمقدار الثلث في النصف الثاني من العام الماضي، مقارنة بالنصف الأول، وهو أكبر تأرجح تشهده أي فترة منذ بدء جمع وتحليل بيانات السوق من قبل شركة ريفينيتيف في 1980. حدث ذلك جزئيا بسبب انهيار معاملات الأسهم الخاصة، التي جفت مصادر تمويلها. أما عمليات الاستحواذ والإدراج التي تبقي البنوك الاستثمارية وإدارات قانون الشركات نشطة فلا تزال قليلة جدا: حتى الآن، انخفض عقد الصفقات هذا العام بمقدار ثلاثة أرباع عما كان عليه في بداية 2022. لكن عندما يرجع التمويل، سيكون أكثر تكلفة.
هناك بعض الأحاديث المفعمة بالأمل حول بوادر الانتعاش الاقتصادي أو إعادة النظر في الحلول القديمة مع تحسن مستوى الوضع الاقتصادي. فقد تحسن المزاج البريطاني منذ الفوضى المدمرة، التي تسببت فيها الميزانية المصغرة، وهو تحسن لا بأس به. ويمكن لصندوق النقد الدولي رفع مستوى توقعاته الاقتصادية العالمية "من كارثية إلى بائسة، ربما". لكن الثقة بالنشاط الاقتصادي تلقت ضربة عندما بدأ بنك جولدمان ساكس هذا الشهر أكبر عملية لخفض التكاليف منذ الأزمة المالية: "هذا يجعل الجميع يعتقدون أن الأمر سيكون مروعا"، كما قال أحد كبار المحامين.
استعداد البنوك الاستثمارية لتقليص الوظائف عندما تنضب الصفقات مترسخ. جولدمان، على وجه الخصوص يتحرك بسرعة: قال الأسبوع الماضي إن الأرباح انخفضت بمقدار الثلثين في الربع الرابع.
قد تكون شركات المحاماة هي أفضل دليل لمعرفة ما إذا كان جمود الصفقات هذا قد تحول إلى وضع خطر أم لا. كما أن الشركات، بما فيها التي تعتمد على الأعمال المرتبطة بالمعاملات، تميل إلى تحقيق توازن في الإيرادات أفضل من البنوك.
تنتعش عمليات إعادة الهيكلة أو التقاضي أو التوظيف في فترة الانكماش، حيث يمكن إعادة نشر الموظفين في وظائف أو أقسام مختلفة. كما يستمر المحامون في العمل لفترة أطول بعد تغير الظروف الاقتصادية، حيث يتم إنجاز الصفقات التي تم إبرامها قبل أشهر من خلال الالتزام بالمتطلبات التنظيمية والحصول على الموافقة النهائية. ومن الناحية الثقافية، على الرغم من أن الشركات الأمريكية تتخذ موقفا أكثر صرامة من موقف النخبة في المملكة المتحدة، إلا أنه لا يزال هناك نفور من تسريح الموظفين. فلا يزال الناس يتحدثون حتى الآن عن الشركة، التي بدأت أولا بتسريح الموظفين بعد أزمة الدوت كوم والأزمة المالية، كما يقول مسؤولو التوظيف. حتى الآن، كان الإعلان عن التسريح في الولايات المتحدة، يحدث في الشركات، التي تملك شركات تكنولوجية تريد التخلص منها.
في الوقت الحالي، تتمثل استراتيجية شارع المال في الانتظار والترقب. فالاستنزاف الطبيعي، ومراجعات الأداء الأكثر صرامة، وربما حتى العمل أربعة أيام في الأسبوع يمكن أن تمنع تخفيضات الموظفين، على أمل أن تنتعش السوق. لكن حمى توظيف المواهب ورفع الرواتب في الأعوام الأخيرة لن يساعدا في ذلك: "لقد حققنا ارتفاعا هائلا"، كما قال فريدي لوسون، مسؤول التوظيف في شركة فوكس رودني. "كان التوظيف هكذا: هل تستطيع ربط حذائك؟ حسنا، لقد حصلت على وظيفة".
وفقا لشركة تومسون رويترز، ارتفع معدل دوران الموظفين في مكاتب المحاماة في 2021، حين أدت موجة التوظيف من قبل بعض الشركات الأمريكية إلى زيادة رواتب المحامين المبتدئين: تجاوز أعلى الرواتب للمحامين المؤهلين حديثا 170 ألف جنيه استرليني، بحسب موقع ليجال تشيك، في حين تراوح رواتب الشركات المرموقة في المملكة المتحدة "الأقل ربحية" بين 107 آلاف جنيه استرليني و125 ألف جنيه استرليني. في الوقت نفسه، تعديل منهج الأقدمية - وفيها تعتمد حصة الشريك في الأرباح عادة على الأقدمية فقط، بدلا من الأداء الشخصي "أدى إلى إضعاف الارتباط بين الشركاء والشركات أكثر من أي وقت مضى"، كما يشير توني ويليامز، الشريك الإداري السابق والمستشار في شركة كليفورد تشانس.
النتيجة هي أن الشركات دخلت في هذا الانكماش الاقتصادي مع ارتفاع التكاليف بسبب حرب التوظيف، وهو أمر أبرزته كل من شركتي ألين آند أوفيري وكليفورد تشانس في تقريرهما المنشور أخيرا عن العام المنتهي في نيسان (أبريل) 2022. في الوقت نفسه، مغادرة كبار المحامين أخيرا تمثل تحديا إذا انخفضت أرباح كل شريك بشكل حاد، ولا سيما أنه لا تزال هناك شركات أمريكية لديها شواغر ينبغي ملؤها.
وعلى عكس بعض البنوك، قد تتمكن شركات المحاماة من تدبير أمورها خلال فترة الركود، لكن الاحتمالات تتراكم ضدها: هذا الانكماش الاقتصادي قد يضرب أسرع مما كانت عليه الحال في الماضي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES