السلام الداخلي
الإنسان مطالب لكي يحيا حياة سعيدة هانئة أن يدرك أنه لن يصل إليها إلا حين يقف وقفات صادقة مع نفسه ويستطيع إقناعها أنه يحتاج إلى أن يتصالح معها، وأن يكون معها في وفاق تام لتعينه هذه النفس التي بين جنبيه على مواجهة أي مشكلات تعترضه في حياته، وتمده -بعون الله- بطاقة إيجابية تجعل الثقة تحيط به من كل جانب، ليكون في أحلك الظروف ذا قلب مطمئن ونفس منشرحة.
وهذا هو السلام الداخلي الذي من امتلكه فقد أوصد الباب أمام القلق، والجزع، والخوف، والفشل. وعن كيفية حصول المصالحة مع النفس أو بمعنى آخر تحقيق السلام الداخلي، فإن أولى خطوات ذلك هو التنظيف، أي أن يعمل الإنسان بإخلاص على تنظيف نفسه وأفكاره من الأمور والعادات السيئة مثل كثرة التذمر، والحسد، واللوم، أو التحسر على أي أمر لم يتحقق، وحينها سينعم بالرضا والأنس. ثم إنه يلزم ضبط التوازن بين النفس والجسم فلا ترجح كفة أحدهما على الآخر. يمارس الرياضة، لكن يتوقف لأداء الصلاة.
يتابع وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بقدر معلوم. يتمتع بالسفر وبالرحلات الجميلة، لكن دون أن تطغى على متطلبات الحياة الرئيسة. فالسلام الداخلي يكمن في قدرة الإنسان على التخلص من فوضى الحياة وعدم الاستسلام للفشل والإحباط الداخلي، وامتلاك القدرة على تحقيق الامتنان لله -سبحانه وتعالى-، ولكل من يتعامل معهم سواء على نطاق الأسرة الصغيرة أو على نطاق المجتمع. وأن يركز على تعلم الصبر إذ لا يمكن أن يتصالح الإنسان مع نفسه ما لم يمتلك هذه الصفة فبها -بعد توفيق الله- تصبح كل الأشياء سهلة وبسيطة، ويمكن علاجها دون إعطاء الأمور أكبر من حجمها الحقيقي. واضعا نصب عينيه هدفا واضحا يسعى إلى تحقيقه وهو كيف أعيش حياة سعيدة مطمئنة وكيف أجد خيرا منها عند وداعها؟
إذ إن من أكبر معوقات السلام الداخلي الشعور بالفراغ الروحي والقلق من المستقبل والخوف من المجهول والتفكير المفرط في الحصول على ملذات الحياة، وكذا صحبة الأشخاص السلبيين الذين يزرعون الأفكار السلبية في نفس الإنسان دون أن يشعر بذلك، مشكلين حائط صد بين النفس وسلامها الداخلي. إن على من يريد السلام الداخلي بحق أن يتصالح مع نفسه وحينها لن يستطيع كائن من كان أن يقف في طريق سعادته.