Author

البريد السعودي .. الحاضر الغائب

|

عرفت بلادنا البريد منذ وقت مبكر وكان ينقل على الدواب بين المناطق بطريقة بدائية مثل معظم دول العالم آنذاك وبعد توحيد المملكة واكتشاف النفط تم إنشاء المديرية العامة للأعمال البريدية عام 1345هـ ثم وجدت مصلحة البرق والبريد والهاتف التي أسست عام 1373هـ وأصبحت تدير الأنشطة البريدية حتى انتقلت تلك النشاطات إلى وزارة المواصلات تحت مسمى وكالة الوزارة للشؤون السلكية واللاسلكية والبريدية .. وكان انضمام البريد السعودي للاتحاد العالمي قد سبق ذلك عام 1348هـ (1929) وسبق ذلك أيضا صدور أول طابع بريد سعودي عام 1334هـ وكانت السعودية ثاني دولة عربية تصدر الطوابع البريدية ومنذ عام 1390هـ ومع بداية خطط التنمية السعودية الخمسية شمل التطور الكبير مختلف مجالات الخدمة البريدية.
وبعد هذه اللمحة التاريخية أقول: إن البريد السعودي حاضر في حياة أي مواطن سعودي وله ذكريات جميلة من أيام الاعتماد على الرسائل المكتوبة لنقل المشاعر والأخبار بين الناس وكانت الرسالة البريدية تسمى "الخط" لأنها مكتوبة بخط اليد .. وفي عام 2021 أقر مجلس الوزراء نظام البريد ويهدف النظام إلى تطوير قطاع البريد وفق رؤية 2030 ليواكب الازدهار الاقتصادي حيث تعتمد عليه الشركات والمؤسسات في نقل مراسلاتها المحلية والدولية وخدمة التجارة الإلكترونية التي ازدهرت كثيرا في بلادنا وأصبح الأفراد يعتمدون عليها فينقل مشترياتهم من الداخل والخارج ولتغطية النقص في خدمات البريد السعودي الذي يصفه البعض بالحاضر الغائب .. فهو حاضر في وجداننا ونفضله على غيره لأنه يتمتع بالموثوقية والإخلاص في أداء الخدمة لكنه غير موجود، ما جعل شركات النقل الخارجية تدخل السوق السعودية بقوة لتغطية النقص الذي أشرنا إليه .. وعن خدمات هذه الشركات المعروفة بأسمائها الرنانة حدث ولا حرج ولقد نشرت تغريدة أخيرا قلت فيها: "إذا أردت أن تدعو على شخص بالإزعاج فادع له بطرد يصل عبر إحدى شركات الشحن حيث يتصلون به عشرات المرات بجميع وسائل الاتصال مع عدة مواعيد لا تنفذ والحل هو أن ينشط البريد السعودي عبر حملات إعلانية تركز على الموثوقية والصدق مع مراعاة الأسعار المناسبة وجودة الخدمة في ظل المنافسة الشديدة"، ووجدت هذه التغريدة تفاعلا كبيرا وتساءل بعضهم أين البريد الممتاز الذي كان أكثر موثوقية؟!
وأخيرا: جاء جواب السؤال السابق من المهندس صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجستية عند زيارته لنا في الجمعية السعودية لكتاب الرأي الأسبوع الماضي حيث أكد أن البريد أصبح تحت مظلة الوزارة وأنه سيشهد نقلة نوعية في جميع خدماته والمؤمل أن نرى حضورا كبيرا للبريد السعودي حيث يواكب ذلك حملتين إعلامية وإعلانية للتعريف بخدماته مع توقيع اتفاقيات مع البنوك والشركات الكبرى خاصة شركات التجارة الإلكترونية لنقل الإرساليات للمواطنين دون إزعاج وبموثوقية لا تتوافر إلا في البريد الذي عرفناه خلال العقود والأعوام الماضية يوم كان ساعي البريد على دراجته العادية ينشر الفرح والبهجة في نفوسنا.

إنشرها