شلل قشرة البصل

يبدأ برعشة خفيفة في يد واحدة قد لا يلاحظها أحد، ثم يتفاقم تدريجيا فتتباطأ الحركة وتتيبس العضلات ويتلعثم اللسان ويفقد القدرة على الكلام والكتابة تدريجيا، إنه مرض باركنسون أو الشلل الرعاش أو مرض العظماء، فقد أصيب به الأمير سعود الفيصل والملاكم محمد علي كلاي.
لقد احتار العلماء في ماهية هذا المرض حتى لاحظ عالم الأعصاب الأمريكي فريدريك ليوي أثناء دراسته للدكتوراه في برلين عام 1912 ارتباط شوائب غامضة في خلايا الدماغ بمرض الشلل الرعاش وأطلقوا عليها أجسام "ليوي"، التي أصبحت فيما بعد إحدى أبرز سمات الشلل الرعاش.
وبعد مرور نحو 100 عام على توصيف هذه الأجسام التي كان المغزى من وجودها غير مفهوم، وكذلك الطريقة التي تشكل بها خلايا الدماغ هذه الأجسام غير واضحة ولا يعرف مدى ارتباط أجسام "ليوي" هذه بموت خلايا الدماغ لدى المصابين بالشلل، ونتيجة للتطور العلمي الهائل لوسائل وتقنيات الفحص المجهري اكتشف باحثون في علم الأعصاب من جامعة أمستردام، بمشاركة باحث مصري، أن أجسام "ليوي" لها بنية متسقة تشبه قشر البصل، وذلك بعد تصميم بنية ثلاثية الأبعاد لهذه الأجسام، ووجدوا أنها تحتوي على طبقات مختلفة متحدة المركز على شكل حلقة، حيث تتراكم البروتينات والدهون محاطة بجزيئات "ألفا - ساينوكلين" ومكونات خلوية أخرى تشكل هيكل قشرة البصل التي يعتقد أنها تكونت لتغلف مكونات خلوية سامة.
ويفترض فريق البحث أن خلايا الدماغ تقوم بتشكيل أجسام "ليوي" عندما تفقد القدرة على إعادة تدوير نفاياتها، فعندما تتراكم الدهون والبروتينات تحاول الخلية عزلها في مكان مخصص يعرف بمدافن النفايات وفيما بعد تعيد تشكيلها وتغليفها لحماية نفسها من المكونات الضارة، وبمرور الوقت، قد يؤدي وجود هذا "المطمر" نفسه إلى تغيير البيولوجيا الطبيعية للخلايا العصبية.
ويتخلص مخ الإنسان يوميا من ثمانية جرامات تقريبا من البروتينات المستهلكة التي تحل محلها أخرى جديدة، عملية التخلص من النفايات تمرر في العام ما يعادل وزن المخ تقريبا.
إن هذه الدراسة قدمت تصورا قويا جديدا حول الآلية المحتملة الكامنة وراء تشكل أجسام "ليوي" في مراحل مختلفة من مرض باركنسون، وهذه النتائج تفتح آفاقا علمية واسعة، وفرصا مثيرة لتوصيف وفهم أفضل لتكوين أجسام "ليوي"، وبالتالي إلى فهم أفضل لمرض باركنسون، وهذه خطوة في غاية الأهمية لتطوير هدف علاجي ناجح للمرض في المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي