Author

القائد المحفز وقوة التأثير

|

لم تكن كلمات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للاعبي المنتخب الوطني السعودي لكرة القدم، إلا قوة دفع كبيرة لهم، جاءت في الوقت المناسب لتحقيق النتائج المرجوة التي يسعى إليها أي فريق. كان واضحا في لقائه بهم قبيل انطلاق مباريات بطولة كأس العالم التي تجري منافساتها حاليا في قطر، حين أكد لهم أن يلعبوا دون أن يشعروا بأي ضغوط، وأن يضعوا في رؤسهم رفع اسم الوطن في هذه المحافل الدولية، وأن يخوضوا مبارياتهم براحة وانسيابية واستمتاع وطمأنينة، وأن النتائج ستتحقق في المستقبل بلا شك. زرعت هذه الكلمات الثقة والمسؤولية في نفوس اللاعبين ودفعتهم إلى تحقيق أول انتصار في مباراة المنتخب الأخضر الافتتاحية في بطولة قطر العالمية التي لها ثقلها ووزنها الكروي.
هذه الكلمات ليست تشجيعية بقدر ما هي أداة أخرى تضاف إلى الأدوات التي تدعم المنتخب السعودي المادية والمعنوية، لتحقيق النتائج التي تليق بوطن مثل السعودية، والاستمرار في رفد مسيرة استراتيجية البناء الشاملة التي تشهدها السعودية، مستندة إلى رؤية المملكة 2030.
فالمنتخب السعودي ليس غريبا عن مناسبات بحجم كأس العالم، فقد شارك قبل ذلك خمس مرات في بطولات مماثلة، كما أنه حقق قفزات نوعية في الأعوام الماضية، ليس فقط على صعيد النتائج، بل نجح في الوصول إلى النهائيات في قطر بجدارة وأرقام مشرفة ممثلا للقارة الآسيوية في هذا المحفل الكروي المهم، من أجل تكريس مكانته بقوة على الخريطة الرياضية العالمية. ولذلك، جاء فوزه على المنتخب الأرجنتيني الذي يعد من المنتخبات المرشحة لنيل لقب بطولة 2022.
هذا النجاح مرة أخرى، يأتي في سياق استراتيجية شاملة وضعت الرياضة في صلب عملية التنمية والبناء الاقتصادي والاجتماعي، عبر سلسلة من الوسائل، سواء تلك التي ترتبط مباشرة بدعمها ماديا ومعنويا والتخطيط للتوسع في مشاريع للتماشي مع الوتيرة العالمية، حيث أصبحت الرياضة في عالم اليوم بوابة من البوابات والمنافذ الاستثمارية التي تدر عوائد وإيرادات مميزة، أو من خلال توسع علاقات المملكة على الساحة الرياضية الدولية في كل ميادينها. فالبلاد استضافت سلسلة لا تتوقف من الفعاليات والمناسبات الرياضية على أراضيها، وتشرع في استضافة مناسبات أخرى ذات وزن ثقيل، ما وفر رافدا آخر لدعم الحراك الرياضي العام. وهذا التواصل المباشر مع الجهات العالمية في المجال الرياضي، يضيف مزيدا من الدعم على صعيد تنمية القدرات الرياضية الوطنية، سواء عبر الاحتكاك مع الجهات الأخرى، أو من خلال الاطلاع على التجارب في هذا الميدان، الذي أصبح منذ عقود جزءا أصيلا من الحراك الاجتماعي والاقتصادي حول العالم، تحول إلى ساحة اقتصادية تشهد نموا دائما في كل الرياضات.
المشاريع الرياضية ضمن نطاق رؤية المملكة 2030 لا حدود لها، وهي متجددة، فضلا عن أن الساحة مهيأة دائما لإضافات جديدة تدعم التوجه العام في هذا المجال. وهذه المشاريع تستهدف بالدرجة الأولى الشباب السعودي الذي يمثل عماد عملية التنمية الشاملة كلها. فقد ركزت "الرؤية" على القوة البشرية الوطنية، للاستفادة منها وتوفير كل المستلزمات للوصول بها إلى أعلى المستويات من حيث الأداة والريادة والعمل.
والرياضة تعد عنصرا أساسيا لاستكمال مهمة "البناء البشري" وفق القواعد والأسس التي تضمن للسعودية مكانتها وسمعتها وتحافظ على ثرواتها وقدراتها، في حين أنها تعج حقا بالكوادر المهيئة دائما لأن تؤدي دورها الوطني في كل الساحات. وفي الأعوام الماضية، شهدت المملكة تنفيذ مخططات تختص بدعم الأندية الرياضية، بما في ذلك استجلاب لاعبين محترفين ليكونوا جزءا من عملية التنمية الرياضية - إن جاز القول.
هذه السياسات والمشاريع الخاصة بكرة القدم والنشاطات الرياضية الأخرى، رفعت من قوة بطولة الدوري السعودي، الذي يتصدر قائمة الدوريات الأقوى قاطبة في الشرق الأوسط والمنطقة العربية. وكسبت شهرة بين البطولات الأخرى وأصبحت وجهة لكثير من اللاعبين المحترفين، فالمسألة لا تتعلق فقط بتنمية الرياضة ودعمها وتوفير الأدوات اللازمة لأن تكون في المقدمة دائما، بل بتكريس ربطها بالتنمية الشاملة، والتطور الاقتصادي الذي يمضي في المملكة بخطوات سريعة وثابتة. فالرياضة مثل بقية القطاعات الأخرى في البلاد باتت تمثل رافدا من روافد الاقتصاد الوطني، الذي يتجدد ويعاد بناؤه، بالشكل الذي تستحقه دولة محورية على الساحتين الإقليمية والعالمية، كالسعودية.

إنشرها