FINANCIAL TIMES

التدخل الحكومي يبعث بصيص أمل في القطاع العقاري الصيني

التدخل الحكومي يبعث بصيص أمل في القطاع العقاري الصيني

يعد تشين جيان، البالغ من العمر 35 عاما المقيم في مدينة ووهان، واحدا من كثير من ضحايا أزمة العقارات في الصين. اشترى شقة في 2020، لكن شركة التطوير التي تقف وراءها انهارت، ما تركه وعائلته غير قادرين على الانتقال إلى منزل غير مكتمل.
في جميع أنحاء الصين، تعثرت الصناعة التي تسهم بأكثر من ربع النمو الاقتصادي لأكثر من عام، حيث غرقت في تأخيرات البناء بعد نفاد السيولة في كثير من شركات التطوير. الآن، قدمت حزمة الدعم الحكومي التي تم الكشف عنها الأسبوع الماضي بصيصا من الأمل لأولئك الذين وقعوا في ويلات الأزمة.
قال تشين، "آمل أن تتمكن الإجراءات الجديدة من إيجاد حل لنا. إننا تحت ضغط كبير".
تتطلب الإجراءات الـ16، التي وقع عليها البنك المركزي والجهة التنظيمية المصرفية الرئيسة، من البنوك تمديد سداد قروض قطاع العقارات، ما يوفر مزيدا من الوقت لشركات البناء لاستكمال المشاريع غير المكتملة. كما توفر جمع أموال وخطط خروج للشقق غير المباعة.
إضافة إلى ذلك، يتم حث البنوك على منح مشتري المنازل مزيدا من الوقت لسداد قروضهم العقارية. في الصين، حيث في الأغلب ما يتم شراء الشقق قبل اكتمالها، أدت الأزمة إلى مقاطعة دفع الرهون العقارية.
على الرغم من أنها لا ترقى إلى مستوى خطة إنقاذ، فإن الحزمة الجديدة التي قدمتها الحكومة - في بيئة يعاني فيها الاقتصاد أيضا في ظل قيود صفر كوفيد - كان لها تأثير فوري في المعنويات.
"أعتقد أن هذه نقطة تحول بالنسبة إلى السوق"، حسبما قالت ميشيل لام، الخبيرة الاقتصادية في شؤون الصين الكبرى في بنك سوسيتيه جنرال، التي وصفت الإجراءات بأنها "حزمة إنقاذ الإسكان".
"ينبغي أن نتوقع انتعاشا في مبيعات المساكن والاستثمار من الآن فصاعدا، ولا سيما في النصف الثاني من العام المقبل".
من جانبها، وافقت تاو وانج، كبيرة الاقتصاديين الصينيين في بنك يو بي إس، على هذا الرأي. قالت، "اتخذ كبار صانعي السياسة خطوة حاسمة أكثر في تسهيل التمويل لقطاع العقارات. تؤكد الخطوة الأخيرة مجددا وجهة نظرنا بأن مبيعات العقارات وعمليات بدء البناء ينبغي أن تستقران في الأشهر القليلة المقبلة".
"لذلك نرى أن للعقارات تأثيرا أقل سلبية في نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2023".
أزمة العقارات في الصين، التي اندلعت في أيلول (سبتمبر) الماضي عندما تخلفت شركة التطوير العقاري إيفرجراند عن سداد ديونها الدولية، تسببت في خسائر فادحة للاقتصاد. في تشرين الأول (أكتوبر)، أشارت وانج إلى أن مبيعات العقارات تراجعت 23 في المائة على أساس سنوي، في حين انخفضت مشتريات شركات التطوير للأراضي أكثر من النصف. كما أضاف الناتج المحلي الإجمالي 3.9 في المائة في الربع الثالث، أي أقل بكثير من الهدف السنوي البالغ 5.5 في المائة الذي كان بالفعل أدنى مستوى حددته السلطات منذ عقود.
مع ذلك، فإن الإجراءات الجديدة ليست تحولا واضحا من النهج الحالي للحكومة، وفقا لوانج تشي، الرئيس التنفيذي لشركة إدارة الصناديق ميجا ترست إنفسمنت في هونج كونج. "إصلاح الصين للوضع الحالي مستمر منذ اليوم الأول، بدءا من تخلف إيفرجراند عن السداد. تتمثل الأولوية القصوى في استئناف أعمال البناء وتسليم المنازل غير المكتملة"، كما قال.
من جهته، قال ريتشارد شو، المحلل في مورجان ستانلي، إن الإشعار الصادر من بنك الشعب الصيني واللجنة التنظيمية للبنوك والتأمين في الصين كان ببساطة يضع شروطا رسمية لما طلب من البنوك فعله بالفعل. كما قال إن الإجراءات يمكن أن تساعد على كسب الوقت، لكن لم يقصد بها بالضرورة أن تحفز انتعاشا كبيرا.
اتفقت لام من بنك سوسيتيه جنرال على أن هذا لا يغير بالضرورة التوقعات طويلة الأجل، قالت، "حتى لو شهدنا انتعاشا في مبيعات المساكن العام المقبل، فمن غير المرجح حدوث انتعاش مستدام".
"ما زلنا بحاجة إلى مواجهة التحول في نموذج النمو ليصبح أقل اعتمادا على الطلب على الإسكان. إننا نعلم أن صانعي السياسة يريدون فقط دعم الطلب الهيكلي، وليس الطلب القائم على المضاربة".
منذ أزمة العقارات السابقة في 2015، أكدت السلطات في الصين أن الإسكان مخصص "للعيش فيه" وليس للمضاربة. في مؤتمر الحزب الشيوعي الذي انعقد الشهر الماضي، لم تذكر التحديات في هذا القطاع كثيرا. لا تزال الحكومات المحلية، التي اعتمدت بشكل كبير على مبيعات الأراضي لشركات التطوير لتمويل إنفاقها، تتعرض لضغوط شديدة.
كما تضرر الإنفاق الاستهلاكي. أصبحت مبيعات التجزئة سلبية على أساس سنوي في أكتوبر. يرتبط الاستهلاك في الصين ارتباطا وثيقا بقطاع الإسكان - من حيث الثقة وفي عمليات شراء الأجهزة وغيرها من السلع التي تأتي مع المنزل الجديد. أشارت إيريس بانج، كبيرة الخبراء في الاقتصاد الصيني في مجموعة أي إن جي، إلى أن المبيعات المتعلقة بالانتقال إلى منزل جديد، خاصة الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، والديكورات والأثاث، تقلصت 14.1 في المائة و8.7 في المائة و6.6 في المائة على التوالي في الشهر الماضي.
قالت لام من بنك سوسيتيه جنرال، "أعتقد أن ثقة الأسر ستستعاد في النهاية".
مع ذلك، لا تزال حالة عدم اليقين تلقي بثقلها على المشترين المحتملين. قالت سيدة تبلغ من العمر 30 عاما، طلبت أن يشار إليها باسم صن فقط، إنها كانت تفكر في شراء شقة على مدار العامين الماضيين لكنها أجلت شراءها لأنها شعرت أن السوق تزداد سوءا.
كما رأت أن الإجراءات الجديدة تساعد على تطوير شقق جديدة، ولا تؤثر في المباني القائمة.
"الاقتصاد لم يصل إلى القاع وأشعر أن أدنى نقطة قد تكون الربع الثاني من العام المقبل. سأنتظر حتى ذلك الحين"، كما قالت.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES