مبادرة الشرق الأوسط الأخضر .. قمة المستقبل المشرق

مبادرة الشرق الأوسط الأخضر .. قمة المستقبل المشرق

تشد أنظار العالم إلى منتجع شرم الشيخ في مصر لمتابعة مجريات مؤتمر الأمم المتحدة السنوي للتغير المناخي (COP27)، حيث يشارك ممثلون عن نحو 200 دولة في القمة، من أجل إعطاء دفعة جديدة لمشكلة المناخ، التي أضحت تهدد الوجود الإنساني على كوكب الأرض، فالأمر تحول إلى "مسألة حياة أو موت لأمننا اليوم وبقائنا غدا"، ولا سيما بعد تزايد حدة التقلبات المناخية (فيضانات، حرائق، حرارة، جفاف، أعاصير...) في مختلف مناطق العالم بلا استثناء.
بالتزامن مع الحدث العالمي، تنطلق النسخة الثانية من قمة "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" برئاسة سعودية - مصرية، بعدما استضافت الرياض النسخة الأولى من فعاليات القمة تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، التي مثلت "أول حوار إقليمي من نوعه بشأن المناخ، مع اتفاق القادة المشاركين من أكثر من 20 دولة على ضرورة التعاون وتوحيد الجهود لمواجهة تغير المناخ". كما يتطلع المشاركون في الملتقى الأممي، يومي 11 و12 نوفمبر، إلى "منتدى مبادرة السعودية الخضراء" بشعار "من الطموح إلى العمل".
ينعقد الاجماع على بلوغ الإنسانية خطوط التماس مع الطبيعة فيما يتعلق بالشأن البيئي، لذا بات لزاما على الجميع التحرك، وبشكل مستعجل، كل من موقعه وبحسب قدرته، أملا في تجنب كارثة تمعن البشرية في السير نحوها بخطى ثابتة. وعيا بحجم المخاطر وإيمانا بجسامة المسؤولية وثقل المهمة، بادرت المملكة العربية السعودية باعتبار مكانتها الدولية، وموقعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، إلى تبني مبادرات بيئية وازنة من شأن تنفيذها على الوجه الأمثل أن يشكل فارقا.
وبدا حرص المملكة على الدفع قدما بهذه الأفكار حتى تصنع الفارق، من خلال الإصرار على تنظيم النسخة الثانية، بالتزامن مع الحدث العالمي، لإيصال الكلمة إلى أوسع نطاق ممكن، فالمبادرة "تطرح خريطة طريق طموحة وواضحة للعمل المناخي الإقليمي، وتمكن من إيجاد فرصة اقتصادية في المنطقة"، فضلا عن كونها محفزة لعدد من الدول نحو العمل، بدلا من البقاء في دائرة الأقوال والوعود، وذلك باستعراض ما تحقق من منجزات على أرض الواقع وفي الميدان.
تحدث الأمير محمد بن سلمان، في كلمته، بلغة الأرقام والإنجاز، بدءا بمبادرة "السعودية الخضراء" لخفض انبعاث ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 10 في المائة من الإسهامات العالمية، في أفق تحقيق المملكة الحياد الصفري في 2050. علاوة على إقامة منصة التعاون الدولية، وإنشاء صندوق استثماري إقليمي لتمويل حلول تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون. مرورا باعتماد سياسة ناجعة في الانتقال الطاقي، من خلال تسريع وتيرة تطوير وتبني تقنيات مصادر الطاقة النظيفة، فنصف الطاقة المنتجة داخل المملكة سيكون نظيفا، في أفق 2030. وانتهاء بدعم الحلول الطبيعية لمواجهة التغير المناخي بتسجيل أرقام قياسية في عمليات التشجير، فالمملكة في طريقها لأن تصبح واحة خضراء في الشرق الأوسط، بانتهاء مشروع زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة. وزيادة مناطق المحميات البرية والبحرية لتبلغ 30 في المائة من إجمالي المساحة الوطنية.
تأتي مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، في نسختها الثانية، لاستكمال الورش الكبرى المفتوحة في مجال البيئة من ناحية، وتسليط الضوء على أهم التحديات المناخية التي تواجه المنطقة، وما قد يترتب عنها من تداعيات عالمية. كما أنها محطة للتباحث والتفكر بشأن الخبرات والتجارب الممكن الاستعانة بها لمواجهة المعضلة المناخية، وتسريع عملية التحول نحو الاقتصاد الأخضر محليا وإقليميا ودوليا.
تتجه مبادرة الشرق الأوسط إذن إلى تحقيق ثورة في المجال البيئي، لكن ذلك صعب التحقق إذا لم يكن مرفقا بمستوى معين من الالتزام، كما جاء في كلمة ولي العهد السعودي، حين أكد أن تحقيق أهداف مبادرة الشرق الأوسط، يتطلب استمرار التعاون الإقليمي والإسهامات الفاعلة من قبل الدول الأعضاء، للوصول إلى الأهداف المناخية العالمية، وتنفيذ التزاماتها بوتيرة أسرع في إطار الاتفاقية الدولية ذات الصلة.
في تعهد المملكة العربية السعودية، وهي خارج قائمة الدول الأكثر إنتاجا للتلوث، بكل هذه الأهداف، وعلى لسان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، رسالة ودرس لأكثر من بلد، فالدول قاطبة - ودون استثناء - تطمح إلى تحقيق النمو الاقتصادي وضمان الرفاهية لشعوبها وكسب رهان التقدم في مصاف المؤشرات والتقارير العالمية. لكن هذا لا ينبغي أن يكون على حساب البيئة، ما يجعل الآمال، كما جاء على لسان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، معقودة على "أن تحقق القمة مستخرجات تؤسس لمستقبل مشرق".

الأكثر قراءة