Author

الصكوك الإسلامية والسيولة من قطاع الأفراد

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

في طرح يعد في هذه المرحلة جديدا ويختلف عن نمط الطروحات السابقة للصكوك في المملكة، أعلن مصرف الراجحي طرح صكوك إسلامية بعائد يبلغ 5.5 في المائة في ظل المتغيرات التي تشهدها سوق الائتمان بسبب الرفع المتواصل لأسعار الفائدة بعدما قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي محاربة التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة للحد من كمية السيولة المهولة في الأسواق التي تسببت في رفع الأسعار لمختلف السلع والخدمات، وهذا الإجراء يمكن أن يجفف السيولة نسبيا في الأسواق، ومع هذا التحول ووصول نسبة الفائدة إلى 4 في المائة بعدما رفعها "الفيدرالي" الأربعاء الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) رفعت البنوك المركزية في الخليج نسبة الفائدة لدى البنوك المركزية لتصل في المملكة إلى 4.5 في المائة وكذلك دول الخليج في سياسة متبعة لإدارة السيولة في الارتباط في التسعير للصرف بين الريال والدولار، وهذه الإجراءات رفعت من تكلفة الاقتراض بين البنوك ليصل السايبور قبل هذا الإعلان إلى قريب من 6 في المائة أو يزيد، ومن المتوقع خلال الفترة الماضية أن تزيد هذه النسبة مستقبلا بما أن الفيدرالي أشار إلى أنه سيستمر في رفع الفائدة، وقد تصل إلى 5 في المائة في رأي بعض المحللين، ونظرا للحاجة الكبيرة إلى السيولة في الأسواق أصبحت الحاجة ماسة إلى بحث عن مصادر لهذه السيولة من خلال قطاع الأفراد التي اعتادت البنوك أن يكون هذا القطاع هدفا لتقديم التمويل وليس لجذب السيولة خصوصا أنها تجد أن قطاع الأفراد مصدر للسيولة المجانية بسبب ضعف خيارات الادخار والاستثمار منخفض المخاطر.
قطاع الأفراد لديه بالتأكيد سيولة عالية وذلك ملاحظ من خلال حركة البيع والشراء والتقرير الأسبوعي للبنك المركزي الذي يشير إلى حركة نشطة في قطاعات مختلفة فيما يتعلق بالشراء من خلال نقاط البيع الإلكترونية، وهذا يدل بصورة كبيرة على أن توفير السيولة من خلال قطاع الأفراد يمكن أن يعزز قدرات المصارف للحصول على السيولة ويوفر للأفراد قنوات جديدة للاستثمار بدلا من المبالغة في الاستهلاك أو الادخار بصورة سلبية من خلال إبقاء الأموال في الأرصدة دون استثمار.
تتميز الصكوك الإسلامية بأنها أدوات منخفضة المخاطر وغالبا تعد ملكية في أصول، وهذا مما يقلل من مخاطر الاستثمار بها، كما أنها قابلة للتداول ومتوافقة مع الشريعة، ما يعزز جاذبيتها لدى الأفراد للاستثمار بها أو جعلها واحدة من الخيارات الاستثمارية للأفراد.
من المعلوم أن المملكة حاليا تعيش طفرة أكثر اتزانا واستقرارا واستدامة في ظل أن الحراك فيها قائم على خطط وبرامج تعتمد على التنوع في مصادر الدخل والاستغلال الأمثل للموارد والاستفادة من عناصر القوة التي تتمتع بها المملكة في جوانب تتعلق بالخدمات اللوجستية والسياحة والمعادن وغيرها، لكن العالم في حالة طلب عال على السيولة، ما يوفر فرصا كبيرة للمؤسسات المالية ويزيد أرباح الاستثمار في الأدوات منخفضة المخاطر، ولذلك شح السيولة قد يكون حالة عالمية وليست خاصة بالمملكة، كما أن الحراك الكبير في مختلف المجالات يتطلب مزيدا من السيولة حيث يتم طرح كثير من الخيارات الاستثمارية من خلال السوق المالية سواء من خلال الاكتتابات في السوق الرئيسة أو إدراج بعض الشركات في السوق الموازية أو من خلال الإصدارات المتنوعة للصكوك.
صكوك مصرف الراجحي ستكون اختبارا لحجم الإقبال من المستثمرين الأفراد على الصكوك الإسلامية ومستوى الوعي الذي تشكل خلال الفترة الماضية في المجتمع فيما يتعلق بالادخار وخياراته وأهمية الاستثمار لتنويع الموارد المالية للأسرة لمواجهة أي تحديات يمكن أن تطرأ للأسرة في المستقبل، ولذلك من المهم أن تكون للمصارف برامج مناسبة تستهدف السيولة التي بيد الأفراد وذلك من خلال برامج ادخارية للحسابات الشخصية والصكوك الإسلامية والصناديق الاستثمارية وأن تكون هناك برامج لنشر الوعي وللتعريف بطرق الوصول إلى هذه الخيارات، حيث إن منافع ذلك ستعود على المصارف بصورة مباشرة والمجتمع عموما وتحقق هدفا من أهداف الرؤية فيما يتعلق برفع نسبة الادخار لدى الأسر في المملكة.
الخلاصة: إن اكتتابات الصكوك الإسلامية التي تستهدف الأفراد بعوائد جيدة ستزيد من فرص الاستثمار وستعزز من مصادر السيولة لدى المؤسسات المالية سواء المصارف أو غيرها من المؤسسات المالية، كما أن نجاح هذه الاكتتابات سيجعل المصارف تهتم بقطاع الأفراد ليس لتسويق التمويل فقط بل في توفير برامج للادخار والاستثمار منخفض المخاطر.

إنشرها