Author

نحن نثق بالدولار «1 من 2»

|

أستاذ تكوين رأس المال والنمو ـ جامعة هارفارد، وباحث في المكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية.  

على الرغم من تفشي التضخم وتباطؤ النمو، يستمر سعر الدولار في الارتفاع بشكل متزايد. منذ أيار (مايو) العام الماضي، ارتفع سعر الدولار بـ28 في المائة مقابل الين، و20 في المائة مقابل الجنيه. وقد عرف زيادة بـ19 في المائة مقابل اليورو، ليحقق التكافؤ للمرة الأولى منذ 2002.
وحسب تقييم المتوسط المرجح، بلغ الدولار أعلى مستوى له منذ 20 عاما. في الواقع، لقد أصبح سعر الدولار الآن أعلى مما كان عليه في 2002، بعد الحكم عليه في ضوء مجموعة واسعة من العملات الأجنبية. سيتعين علينا العودة إلى الفترة ما بين 1983-1985 حين كان الدولار أقوى بشكل واضح.
قد يبدو انتعاش الدولار الأخير محيرا إلى حد ما. بعد كل شيء، كان من المفترض أن يؤدي ارتفاع معدلات التضخم والتباطؤ الاقتصادي المستمر إلى تراجع الطلب على الدولار. ومع ذلك، يمكن تفسير القوة الحالية للدولار بالمرونة النسبية للاقتصاد الأمريكي والتزام بنك الاحتياطي الفيدرالي المستمر برفع أسعار الفائدة.
صحيح أن الاقتصاد الأمريكي قد تباطأ بشكل ملحوظ هذا العام. بعد تحقيق نمو بـ5.7 في المائة في 2021، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي قدره 1.6في المائة في الربع الأول من 2022، ثم أعقب ذلك انخفاض بـ0.6 في المائة في الربع الثاني، الأمر الذي دفع كثيرين إلى الادعاء بأن الولايات المتحدة في حالة ركود.
ومع ذلك، تشير العمالة وغيرها من المؤشرات المهمة إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قويا بشكل استثنائي. والأهم من ذلك أنه أقوى من اقتصادات شركائه التجاريين الرئيسين. على سبيل المثال، تمر المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بأزمة طاقة نظرا غلى الحرب في أوكرانيا وما أعقبها من خسارة للغاز الطبيعي الروسي. وفي الصين، تلاشى النمو تقريبا حيث تقاوم الدولة الآثار الناجمة عن انفجار فقاعة الإسكان وتستمر في اتباع سياسة "صفر كوفيد" العقيمة. لم ينتعش الناتج المحلي الإجمالي الياباني بعد ليبلغ مستويات ما قبل 2020.
لقد عرفت معدلات التضخم ارتفاعا ملحوظا في كل مكان تقريبا. يمكن أن يكون للتضخم تأثير سلبي في إجمالي الدخل الحقيقي للبلد عندما ترتفع أسعار السلع التي يستوردها ويستهلكها، مقارنة بأسعار السلع التي ينتجها ويصدرها. لقد ألحق التحول المعاكس في معدلات التبادل التجاري - الذي يذكرنا بصدمات العرض في السبعينيات - ضررا بدول أوروبا وشرق آسيا التي تعتمد على الوقود الأحفوري والمعادن والمنتجات الزراعية المستوردة. في الواقع، تشكل الحساسية المتزايدة لمعدلات التبادل التجاري بين الشركاء التجاريين أحد العوامل التي تفسر ارتفاع قيمة الدولار مقابل عملاتهم.
خاص بـ«الاقتصادية»
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2022.
إنشرها