الطاقة- الغاز

أزمة «نورد ستريم» ترسم فصلا جديدا في حرب الطاقة بين أوروبا وروسيا

أزمة «نورد ستريم» ترسم فصلا جديدا في حرب الطاقة بين أوروبا وروسيا

بعد أحداث أنابيب نورد استريم عدلت الأسواق أسعار العقود الاجلة لصيف 2023 وشتاء 2024.

أثار حدوث أكثر من تسرب للغاز في خطي أنابيب نقل الغاز الطبيعي بين روسيا أوروبا نورد ستريم-1 ونورد ستريم-2 خلال الساعات الماضية موجة قوية من التكهنات والتفسيرات، إلى الدرجة التي دفعت البعض للقول إن هذا التسرب ناتج عن عمل تخريبي.
ويبدو أن أوروبا على موعد مع فصل جديد من حرب الطاقة، الذي يمثل إشارة جديدة إلى تزايد التطورات في حرب أوكرانيا. وهذا السلاح غير العسكري يبدو فعالا للغاية، حيث ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بمجرد الإعلان عن التسرب الغازي، في حين عدلت الأسواق أسعار العقود الآجلة لصيف 2023 وشتاء 2024.
وفي تحليل نشرته وكالة "بلومبيرج"، استخدم المحلل الاقتصادي خافيير بلاس، مقولة الكاتب البريطاني إيان فليمنج، مبتكر شخصية جيمس بوند، "عندما يقع أمر مرة واحدة يكون مصادفة، وفي الثانية يمكن أن يكون مصادفة أما الثالثة فهو عمل عدائي مقصود"، ليبدأ مناقشة حوادث تسرب الغاز من خطي نورد ستريم-1 ونورد ستريم-2. ويضيف بلاس، المتخصص في أسواق الطاقة، أن المرء لا يحتاج إلى أن يكون قارئا نهما لأدب الحرب الباردة حتى يلاحظ أصداء مغامرات العميل 007، الاسم الكودي لجيمس بوند، فيما يحدث فعلا، حول خطي نورد ستريم خلال الأسبوع الحالي. ففي يوم واحد تعرض الخطان لثلاثة حوادث تسريب كبيرة في ثلاثة أماكن منفصلة، لذلك تقفز كلمة التخريب إلى الذهن سريعا.
ومثل الشبح الخيالي في أعمال فليمنج، كان الجواسيس الغربيون يعملون في الاتحاد السوفياتي السابق، وفق مجموعة من المبادئ المعروفة باسم "قواعد موسكو" حتى يتمكنوا من البقاء في ظل الرقابة الصارمة من جانب الحكومة السوفياتية وجهاز المخابرات في ذلك الوقت "كيه.جي.بي" ومن هذه القواعد الأساسية قاعدة تقول "إذا شعرت بأن هناك خطأ فهو خطأ".
يعني ذلك أن وقوع ثلاثة حوادث تسريب في خطي الغاز اللذين لا يعملان حاليا، خلال 24 ساعة يمكن أن يكون رسالة تحذير من جانب روسيا باستعدادها لفتح جبهة جديدة للمواجهة مع الغرب متمثلة في تخريب البنية التحتية لشبكة إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا الغربية، بعد أن قلصت ضخ الغاز إليها بنسبة كبيرة في البداية. وأشار بلاس إلى أنه يمكن التراجع عن الخطوة الأولى في استخدام إمدادات الطاقة كسلاح في الصراع الدائر حاليا بين روسيا والغرب بسهولة من خلال قرار سياسي لإعادة ضخ الغاز.
أما الخطوة التالية، وعلى الرغم أنها أطول مدى، فربما تكون دائمة. فلو كان أحد في ألمانيا يتوقع استئناف الحصول على الغاز الروسي عبر خطي نورد ستريم خلال العام المقبل، فهذا الأمل تبدد الآن فيما يبدو. فالتدمير الذي لحق بالفروع الثلاثة لخطي نورد ستريم في يوم واحد لم يسبق له مثيل، بحسب ما ذكرته الشركة المشغلة لخط نورد ستريم-2 الثلاثاء، وقالت الشركة "من المستحيل الآن تقدير الفترة الزمنية اللازمة لاستعادة تشغيل الخط". فهل يمكن أن يكون ما وقع حادثا؟ ربما. فحدوث انهيار طيني تحت الماء يمكن أن يفسر ما حدث، لكن المؤسسات الجيوفيزيائية لم ترصد أي نشاط زلزالي بالقرب من أماكن التسريب أخيرا، وهو ما يشير إلى أن ما حدث كان عملا بشريا.
وفي الماضي تسببت شباك الصيد في إلحاق الضرر بكابلات الاتصالات البحرية، ما أدى إلى اضطراب خدمات الإنترنت والاتصالات الهاتفية. لكن عمق خطوط أنابيب نورد ستريم وحجمها، مقارنة بكابلات الاتصالات يجعل هذا الاحتمال بعيدا.
ورغم أنه يمكن أن تصطدم إحدى الغواصات بخط أنابيب وتسبب كسرا فيه، من غير المعقول أن يتكرر الأمر ثلاث مرات خلال يوم واحد.
ولا يمكن أن يحدث هذا إلا إذا كان متعمدا، وهنا تصبح الحماقة تفسيرا مقبولا لما يحدث.
وهنا يثور السؤال: من المستفيد مما حدث؟ هناك كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي يقولون إن الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعد "بالقضاء" على خط نورد ستريم2 الذي تعارضه الولايات المتحدة منذ البداية وتفرض عليه عقوبات عديدة.
ففي وقت سابق من العام الحالي، قال بايدن في لقطة فيديو تم تداولها اليوم على نطاق واسع "أعد بأننا سنكون قادرين على هذا". فنظرية المؤامرة ترى دائما يد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في كل شيء.
لكن هذا هراء بحسب خافيير بلاس، مشيرا إلى أن المستفيد الأوضح من توقف خطي نورد ستريم هو روسيا.
ويشار في البيت الأبيض إلى أن هذه التصريحات تعكس الضغوط الشديدة التي مارسها الرئيس الأمريكي على ألمانيا للتخلي عن مشروع خط أنابيب الغاز نورد ستريم-2، الأمر الذي حقق النتيجة، التي أرادها بايدن.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الروسية، إن الرئيس جو بايدن "ملزم" بالكشف عما إذا كانت واشنطن تقف وراء ثلاث حالات تسرب للغاز في خطي نورد ستريم اللذين يربطان روسيا بأوروبا.
وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية، على منصات التواصل الاجتماعي: "قال جو بايدن إن نورد ستريم سينتهي أمره إذا غزت روسيا أوكرانيا، بايدن ملزم بالإجابة عما إذا كانت الولايات المتحدة قد نفذت تهديدها".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- الغاز