default Author

إحداث تحول في التعليم .. محاربة فخ الفقر «2 من 2»

|
أظهرت الجائحة فوائد ومخاطر التعلم الرقمي ففي خضم عمليات الإغلاق سمحت التكنولوجيا الرقمية لعديد من المدارس والمعلمين بالوصول إلى الطلاب المعزولين، ومع ذلك وفي الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، لا يزال عديد من الأطفال يفتقرون إلى المعدات الضرورية والقدرة على الاتصال بشكل يمكن التعويل عليه. أما على مستوى العالم، فلا يزال ثلثا الأطفال والشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما بلا اتصال بالإنترنت في المنزل.
إن للثورة الرقمية القدرة على توسيع الوصول وإثراء التعلم، لكن لو ترك الأمر للسوق وحدها، فإن هذا قد يفاقم أوجه عدم المساواة الحالية. يجب اعتبار التعليم والتعلم كمنفعة عامة بحيث تكون مجانية ومفتوحة للجميع.
لكن الأمر يتطلب أكثر من مجرد الوصول إلى الموارد الرقمية لتقليل التفاوت في الاستثمار والفرص التعليمية، فطبقا للبيانات الحديثة من التقرير العالمي لرصد التعليم، تستثمر الدول الغنية بالمتوسط 8500 دولار سنويا على كل شخص في سن المدرسة، وتستثمر الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى نحو ألف دولار لكل طالب، بينما تستثمر الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى 275 دولارا فقط، والدول الأكثر فقرا أقل من 50 دولارا.
إن عدم المساواة بين الدول ليس هو مصدر القلق الوحيد، فالفجوة داخل البلد نفسه بين الأطفال من الأسر ذات الدخل المرتفع مع آباء أفضل تعليما من ناحية، والأطفال المولودين لأسر منخفضة الدخل وأقل تعليما من ناحية أخرى، تثير القلق كذلك، خاصة في العالم النامي، حيث أقل من نصف الأطفال لديهم إمكانية الوصول إلى التعليم ما قبل الابتدائي، مقارنة بـ91 في المائة في الدول ذات الدخل المرتفع.
يتطلب سد هذه الفجوات التعامل مع تمويل التعليم العام باعتباره استثمارا فاعلا يتمتع بالمسؤولية الاجتماعية، نحن بحاجة إلى زيادة الاستثمار في التعليم، والاستثمار بشكل أكثر إنصافا وكفاءة. لقد أظهرت مجموعة متزايدة من الأبحاث أن التعليم لديه أعلى معدل عائد - خاصة تعليم الطفولة المبكرة، الذي ينتج عنه 17 دولارا في القيمة مقابل كل دولار يتم استثماره.
المشكلة هي أن الاستثمار في التعليم يعتمد على السياق، فالبلد الذي يعاني عدم المساواة بشكل كبير ووفرة العمالة الرخيصة، يجذب الاستثمارات غير المتطورة التي تصنع وظائف منخفضة الإنتاجية، علما أنه دون الحاجة إلى قوة عاملة ماهرة، لن يكون لدى الحكومات أي حافز يذكر للاستثمار في التعليم، وكما أظهر دارون أسيموجلو، وسيمون جونسون، وجيمس أ.روبنسون، تميل الأطر المؤسسية إلى أن تكون أضعف في مثل هذه الدول وعادة ما تتركز السلطة الاقتصادية والسياسية في أيدي الأثرياء الذين يعارضون الزيادات الضريبية التصاعدية اللازمة لتمويل التعليم الجيد الشامل والنتيجة هي فخ الفقر.
عادة ما يقال إن التعليم يلعب دورا أساسيا في تشجيع النمو الاقتصادي المستدام، لكن فخ الفقر المدمر بيئيا وغير الفاعل اقتصاديا هو عكس الاستدامة. إن تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة يتطلب بالضرورة القضاء على مثل ذلك الفخ، علما أنه فقط عندما يكون هناك نموذج أكثر إنصافا يمكننا، وبنجاح، أن نكرس التعليم كحق من حقوق الإنسان.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت، 2022
إنشرها