Author

معضلة التردد

|
خلق الله البشر وجعل طباعهم مختلفة، فمنهم الكريم والبخيل، ومنهم الشجاع والجبان إلى غير ذلك من الطباع المختلفة. وهناك عادات قد تتحول مع مرور الوقت ومع التهاون بها إلى ما يشبه الطباع، ومن تلك العادات مشكلة التردد فهي من أسوأ العادات التي يمكن أن يكتسبها الإنسان، وتبدأ معه حين يتردد في أمر بسيط ثم لا يلبث أن يعانيه في أكبر القرارات، يعرف علماء السلوك التردد بأنه عدم القدرة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار.
التردد ينبأ عن ضعف الثقة بالنفس. في محكم التنزيل يقول الحق سبحانه وتعالى "..إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون"، فترددهم مرده ضعف الإيمان والارتياب والتذبذب. تأتي الفرص المناسبة ويحول التردد دون اغتنامها، على الرغم من أنها قد لا تتكرر، ولذا تقول الأمثال، "التردد مقبرة الفرص". نحن نعيش في عصر السرعة بما في ذلك أهمية سرعة اتخاذ القرار، فالوقت يمضي سريعا والتنافس شديد، فالبحث عن الفرص الجيدة ثم اغتنامها هو ما يحقق السعادة، على حين أن التردد سيقضي عليها. وصدق الشاعر في قوله:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا

والآخر حين قال:
إذا هبت رياحك فاغتنمها
فعقبى كل خافقة سكون

ليس بالضرورة أن من يعاني التردد يكون جبانا أو غير واثق بنفسه فالتردد هو محصلة طبيعية للتوتر والقلق وزيادة التفكير، وحرص المتردد على أن يبقي نفسه فيما يعرف بدائرة الأمان.
أما عن طريقة التخلص من هذه العادة، فإنه يجب على الإنسان السوي العاقل أن يواجه التردد والقلق بالتعقل والتوكل على الله سبحانه وتعالى والإقدام، وقد قيل "من تردد بين مقعدين سقط على الأرض"، لكن لو أنه حار بين أمرين وهو عازم على اختيار أحدهما فهنا تأتي الاستخارة التي حث عليها الشارع، فمن حديث جابر رضي الله عنه، "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن.. الحديث". كما أنه على من يعاني التردد أن يبتعد عن الأشخاص المحبطين، وأن يحرص على حضور الدورات التي تطور من مهاراته في اتخاذ القرار، فالثقة بالنفس هي أهم ضمان لاتخاذ القرار الصحيح.
إنشرها